تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

ثم أمر الله رسوله ان لا يبالي بهم ولا بغيرهم وأن يصدع بما أمر الله ويعلن بذلك لكل أحد ولا يعوقنه عن أمره عائق ولا تصده أقوال المتهوكين ، { وأعرض عن المشركين } أي : لا تبال بهم واترك مشاتمتهم ومسابتهم مقبلا على شأنك ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

85

وحين يصل السياق إلى هذا الحد ، يتجه بالخطاب إلى الرسول [ ص ] أن يمضي في طريقه . يجهر بما أمره الله أن يبلغه . ويسمى هذا الجهر صدعا - أي شقا - دلالة على القوة والنفاذ . لا يقعده عن الجهر والمضي شرك مشرك فسوف يعلم المشركون عاقبة أمرهم . ولا استهزاء مستهزيء فقد كفاه الله شر المستهزئين :

( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ؛ إنا كفيناك المستهزئين ، الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

يقول تعالى آمرًا رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ، بإبلاغ ما بعثه به وبإنفاذه{[16290]} والصَّدع به ، وهو مواجهة المشركين به ، كما قال ابن عباس : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } أي : أمضه . وفي رواية : افعل ما تؤمر .

وقال مجاهد : هو الجهر بالقرآن في الصلاة .

وقال أبو عبيدة ، عن{[16291]} عبد الله بن مسعود : ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا ، حتى نزلت : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } فخرج هو وأصحابه{[16292]}

وقوله : { وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } أي : بلغ ما أنزل إليك من ربك ، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله . { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [ القلم : 9 ] ولا تخفْهم ؛ فإن الله كافيك إياهم ، وحافظك منهم ، كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [ المائدة : 67 ]

/خ94

قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن رجل ، عن ابن عباس قال : كان رأسُهم الوليد بن المغيرة ، وهو الذي جمعهم .

وهكذا روي عن سعيد بن جبير وعكرمة ، نحو سياق محمد بن إسحاق ، عن يزيد ، عن عروة ، بطوله ، إلا أن سعيدًا يقول : الحارث بن غيطلة . وعكرمة يقول : الحارث بن قيس .

قال الزهري : وصدقا ، هو الحارث بن قيس ، وأمه غيطلة .

وكذا روي عن مجاهد ، ومقسم ، وقتادة ، وغير واحد ، أنهم كانوا خمسة .

وقال الشعبي : كانوا سبعة .

والمشهور الأول .


[16290]:في أ: "وإنفاذه".
[16291]:في ت، أ: "ابن".
[16292]:رواه الطبري في تفسيره (14/47).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

{ فاصدع بما تُؤمر } فاجهر به ، من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهارا ، أو فافرق به بين الحق والباطل ، وأصله الإبانة والتمييز وما مصدرية أو موصولة ، والراجع محذوف أي بما تؤمر به من الشرائع . { وأعرض عن المشركين } ولا تلتفت إلى ما يقولون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

تفريع على جملة { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } [ سورة الحجر : 87 ] بصريحه وكنايته عن التسلية على ما يلاقيه من تكذيب قومه .

نزلت هذه الآية في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة ورسول الله عليه الصلاة والسلام مختف في دار الأرقم بن أبي الأرقم . رُوي عن عبد الله بن مسعود قال : ما زال النبي مستخفياً حتى نزلتْ : { فاصدع بما تؤمر } فخرج هو وأصحابه . يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت سورة المدثّر كان يدعو النّاس خفية وكان من أسلم من النّاس إذا أراد الصّلاة يذهب إلى بعْض الشّعاب يستخفي بصلاته من المشركين ، فلحقهم المشركون يستهزئون بهم ويعِيبون صلاتهم ، فحدث تضارب بينهم وبين سعد بن أبي وقاص أدمَى فيه سعد رجلاً من المشركين . فبعد تلك الوقعة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دار الأرقم عند الصّفا فكانوا يقيمون الصّلاة بها واستمروا كذلك ثلاث سنين أو تزيد ، فنزل قوله تعالى : { فاصدع بما تؤمر } الآية . وبنزولها ترك الرسول صلى الله عليه وسلم الاختفاء بدار الأرقم وأعلن بالدّعوة للإسلام جهراً .

والصدع : الجهر والإعلان . وأصله الانشقاق . ومنه انصداع الإناء ، أي انشقاقه . فاستعمل الصدع في لازم الانشقاق وهو ظهور الأمر المحجوب وراء الشيء المنصدع ؛ فالمراد هنا الجهر والإعلان .

وما صدقُ « ما تؤمر » هو الدّعوة إلى الإسلام .

وقَصْدُ شمول الأمر كلّ ما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بتبليغه هو نكتة حذف متعلّق { تؤمر } ، فلم يصرح بنحو بتبليغه أو بالأمر به أو بالدّعوة إليه . وهو إيجاز بديع .

والإعراض عن المشركين الإعراض عن بعض أحوالهم لا عن ذواتهم . وذلك إبايتهم الجهر بدعوة الإسلام بين ظهرانيهم ، وعن استهزائهم ، وعن تصدّيهم إلى أذى المسلمين . وليس المراد الإعراض عن دعوتهم لأن قوله تعالى : { فاصدع بما تؤمر } مانع من ذلك ، وكذلك جملة { إنا كفيناك المستهزئين } .