قوله : { فاصدع بِمَا تُؤْمَرُ } أصل الصَّدع : الشَّقُّ ، صدعته فانصدع ، أي : شَقَقتهُ ، فانْشَقّ .
قال ابن السكِّيت : الصَّدعُ في اللغة : الشَّقٌّ ، والفصل ؛ وانشد لجرير : [ البسيط ]
هذَا الخَليفَةُ فارضَوْا ما قَضَى لَكُمُ *** بالحَقِّ يَصْدعُ ما فِي قَولهِ جَنَفُ{[19660]}
ومنه التفرقة أيضاً ؛ كقوله : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] وقال : [ الوافر ]
. . . . . . . . . . . . . . . *** كَأنَّ بَياضَ غُرَّتهِ صَدِيعُ{[19661]}
والصَّديعُ : ضوءُ الفجر لانشقاقِ الظُّلمةِ عنه ، يقال : انْصدعَ ، وانْفلقَ ، وانْفجرَ ، وانْفطرَ الصُّبحُ ، ومعنى " فَاصدَعْ " فرق بني الحقِّ والباطلِ وافْصِلْ بينهما .
وقال الراغب{[19662]} : الصَّدعُ : الشقُّ في الأجسام الصَّلبةِ كالزجاج ، والحديد ، وصدّعته بالتشديد ، فتصدع وصَدعتهُ بالتخفيف ، فانْصَدعَ ، وصَدْعُ الرأس لتوهُّم الانشقاق فيه ، وصدع الفلاة ، أي : قطعها ، من ذلك ، كأنَّه توهم تفريقها .
ومعنى " فاصْدَعُ " قال ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنه- : أظهر{[19663]} .
وقال الضحاك : أعلم{[19664]} . وقال الأخفش : فرِّق بين الحقِّ والباطل ، وقال سيبويه : اقْضِ .
و " مَا " في قوله " بِمَا تُؤمَرُ " مصدرية ، أو بمعنى الذي ، والأصل تؤمر به ، وهذا الفعل يطرد حذف الجار معه ، فحذف العائد فيصح ، وليس هو كقولك : جَاءَ الذي مررتُ ، ونحوه : [ البسيط ]
أمَرْتُكَ الخَيْرَ فافْعَلْ ما أمِرْتَ بِهِ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . {[19665]}
وقال الزمخشريُّ : " ويجوز أن تكون " مَا " مصدرية ، أي : بأمرك مصدر مبنيّ للمفعول " انتهى .
وهو كلامٌ صحيحٌ ، والمعنى : فاصدع بأمرك ، وشأنك .
قالوا : وما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت هذه الآية .
ونقل أبو حيَّان{[19666]} عنه أنه قال : ويجوز أن يكون المصدر يراد به " انْ " ، والفعل المبني للمفعول .
ثم قال أبو حيان : " والصحيح أنَّ ذلك لا يجوز " . قال شهابُ الدين : الخلاف إنَّما هو في المصدر ، والمصرح به هل يجوز أن ينحل بحرف مصدري ، وفعل مبني للمفعول أم لا يجوز ؟ خلاف المشهور ، أمَّا أنَّ الحرف المصدري هل يجوز فيه أن يوصل بفعلٍ مبني للمفعولٍ ، نحو : يعجبني أن يكرم عمرو أم لا يجوز ؟ فليس محل النِّزاع .
ثم قال تعالى : { وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين } ، أي لا تبال عنهم ، ولا تلتفت إلى لومهم إيَّاك على إظهار الدَّعوة .
قال بعضهم : هذا منسوخٌ بآية القتال ، وهو ضعيف ؛ لأنَّ معنى هذا الإعراض ترك المبالاة ، فلا يكون منسوخاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.