فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

{ فاصدع بِمَا تُؤْمَرُ } قال الزجاج : يقول أظهر ما تؤمر به . أخذ من الصديع وهو الصبح انتهى . وأصل الصدع : الفرق والشق ، يقال : صدعته فانصدع ، أي : انشق ، وتصدّع القوم ، أي : تفرّقوا ، ومنه { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] أي : يتفرقون . قال الفراء : أراد فاصدع بالأمر أي : أظهر دينك فما مع الفعل على هذا بمنزلة المصدر ، وقال ابن الأعرابي : معنى اصدع بما تؤمر أي : اقصد ؛ وقيل : فاصدع بما تؤمر أي : فرق جمعهم وكلمتهم بأن تدعوهم إلى التوحيد فإنهم يتفرّقون ، والأولى أن الصدع الإظهار ، كما قاله الزجاج والفراء وغيرهم . قال النحويون : المعنى بما تؤمر به من الشرائع ، وجوّزوا أن تكون مصدرية أي : بأمرك وشأنك . قال الواحدي : قال الفسرون : أي اجهر بالأمر أي : بأمرك بعد إظهار الدعوة ، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزلت هذه الآية ، ثم أمره سبحانه بعد أمره بالصدع بالإعراض وعدم الالتفات إلى المشركين ، فقال : { وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين } أي : لا تبال بهم ولا تلتفت إليهم إذا لاموك على إظهار الدعوة .

/خ99