الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{فَٱصۡدَعۡ بِمَا تُؤۡمَرُ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡمُشۡرِكِينَ} (94)

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { فاصدع بما تؤمر } فامضه .

وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة ، أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفياً حتى نزل { فاصدع بما تؤمر } فخرج هو وأصحابه .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه من طريق علي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { وأعرض عن المشركين } قال : نسخه قوله { اقتلوا المشركين } [ التوبة : 5 ] .

وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : هذا أمر من الله لنبيه بتبليغ رسالته قومه وجميع من أرسل إليه .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : اجهر بالقرآن في الصلاة .

وأخرج عن ابن زيد في قوله { فاصدع بما تؤمر } قال : بالقرآن الذي أوحي إليه أن يبلغهم إياه .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس { فاصدع بما تؤمر } قال : أعلن بما تؤمر .

وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير ، عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً سنين لا يظهر شيئاً مما أنزل الله حتى نزلت { فاصدع بما تؤمر } يعني : أظهر أمرك بمكة ، فقد أهلك الله المستهزئين بك وبالقرآن ، وهم خمسة رهط . فأتاه جبريل بهذه الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أراهم أحياء بعد كلهم . . . ! » . فاهلكوا في يوم واحد وليلة . منهم العاص بن وائل السهمي ، خرج في يومه ذلك في يوم مطير فخرج على راحلته يسير وابن له يتنزه ويتغدى ، فنزل شعباً من تلك الشعاب . فلما وضع قدمه على الأرض قال : لدغت . فطلبوا فلم يجدوا شيئاً ، وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير ، فمات مكانه .

ومنهم الحارث بن قيس السهمي ، أكل حوتاً مالحا فأصابه غلبة عطش ، فلم يزل يشرب عليه من الماء حتى أنقدّ بطنه ، فمات وهو يقول : قتلني رب محمد .

ومنهم الأسود بن المطلب ، وكان له ابن يقال له زمعة بالشام ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا على الأب أن يعمى بصره وأن يثكل ولده ، فأتاه جبريل بورقة خضراء فرماه بها فذهب بصره . وخرج يلاقي ابنه ومعه غلام له ، فأتاه جبريل وهو قاعد في أصل شجرة ، فجعل ينطح رأسه ويضرب وجهه بالشوك ، فاستغاث بغلامه فقال له غلامه : لا أرى أحداً يصنع بك شيئاً غير نفسك . حتى مات وهو يقول : قتلني رب محمد .

ومنهم الوليد بن المغيرة ، مرّ على نبل لرجل من خزاعة قد راشها وجعلها في الشمس ، فربطها فانكسرت ، فتعلق به سهم منها فأصاب أكحله فقتله .

ومنهم الأسود بن عبد يغوث ، خرج من أهله فأصابه السموم فاسودّ حتى عاد حبشياً ، فأتى أهله فلم يعرفوه فاغلقوا دونه الباب حتى مات . وهو يقول : قتلني رب محمد . فقتلهم الله جميعاً ، فأظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره وأعلنه بمكة » .