تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ وجعلنا لكم فيها معايش } من الحرث ومن الماشية ومن أنواع المكاسب والحرف . { ومن لستم له برازقين } أي : أنعمنا عليكم بعبيد وإماء وأنعام لنفعكم ومصالحكم وليس عليكم رزقها ، بل خولكم الله إياها وتكفل بأرزاقها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

16

ويشترك في ظل التضخيم جمع( معايش ) وتنكيرها ، وكذلك ( ومن لستم له برازقين )من كل ما في الأرض من أحياء على وجه الإجمال والإبهام . فكلها تخلع ظل الضخامة الذي يجلل المشهد المرسوم .

والآية الكونية هنا تتجاوز الآفاق إلى الأنفس . فهذه الأرض الممدودة للنظر والخطو ؛ وهذه الرواسي الملقاة على الأرض ، تصاحبها الإشارة إلى النبت الموزون ؛ ومنه إلى المعايش التي جعلها الله للناس في هذه الأرض . وهي الأرزاق المؤهلة للعيش والحياة فيها . وهي كثيرة شتى ، يجملها السياق هنا ويبهمها لتلقي ظل الضخامة كما أسلفنا . جعلنا لكم فيها معايش ، وجعلنا لكم كذلك ( من لستم له برازقين ) . فهم يعيشون على أرزاق الله التي جعلها لهم في الأرض . وما أنتم إلا أمة من هذه الأمم التي لا تحصى . أمة لا ترزق سواها إنما الله يرزقها ويرزق سواها ، ثم يتفضل عليها فيجعل لمنفعتها ومتاعها وخدمتها أمما أخرى تعيش من رزق الله ، ولا تكلفها شيئا

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

وقوله : { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } يذكر ، تعالى ، أنه صرفهم في الأرض في صنوف [ من ]{[16110]} الأسباب والمعايش ، وهي جمع معيشة .

وقوله : { وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } قال مجاهد : وهي الدواب والأنعام .

وقال ابن جرير : هم العبيد والإماء والدواب والأنعام .

والقصد أنه ، تعالى ، يمتن{[16111]} عليهم بما يسر لهم من أسباب المكاسب ووجوه الأسباب وصنوف المعايش ، وبما سخر لهم من الدواب التي يركبونها والأنعام التي يأكلونها ، والعبيد والإماء التي يستخدمونها ، ورزْقهم على خالقهم لا عليهم فلهم هم المنفعة ، والرزق على الله تعالى .


[16110]:زيادة من أ.
[16111]:في ت: "يمتن تعالى".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وَجَعَلْنَا لَكُمْ أيها الناس في الأرض مَعَايِشَ ، وهي جمع معيشة وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ .

اختلف أهل التأويل في المعني في قوله : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ فقال : بعضهم : عُني به الدوّاب والأنعام . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله جمعيا ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ الدوابّ والأنعام .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقال آخرون : عُني بذلك الوحشُ خاصة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور في هذه الاَية وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ قال : الوحش .

فتأويل «مَنْ » في : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ على هذا التأويل بمعنى «ما » ، وذلك قليل في كلام العرب .

وأولى ذلك بالصواب ، وأحسن أن يقال : عُني بقوله : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ من العبيد والإماء والدوابّ والأنعام . فمعنى ذلك : وجعلنا لكم فيها معايشَ والعبيدَ والإماء والدوابّ والأنعام . وإذا كان ذلك كذلك ، حسن أن توضع حينئذ مكان العبيد والإماء والدوابّ «من » ، وذلك أن العرب تفعل ذلك إذا أرادت الخبر عن البهائم معها بنو آدم . وهذا التأويل على ما قلناه وصرفنا إليه معنى الكلام إذا كانت «من » في موضع نصب عطفا به على «معايش » بمعنى : جعلنا لكم فيها معايش ، وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين . وقيل : إنّ «من » في موضع خفض عطفا به على الكاف والميم في قوله : وَجَعلْنَا لَكُمْ بمعنى : وجعلنا لكم فيها معايش وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقينَ . وأحسب أن منصورا في قوله : هو الوحش ، قصد هذا المعنى وإياه أراد وذلك وإن كان له وجه في كلام العرب فبعيد قليلا ، لأنها لا تكاد تظاهر على معنى في حال الخفض ، وربما جاء في شعر بعضهم في حال الضرورة ، كما قال بعضهم :

هَلاّ سألْتَ بذِي الجمَاجِمِ عنهُمُ *** وأبى نُعَيمٍ ذي اللّوَاءِ المُخْرَقِ

فردّ أبا نعيم على " الهاء " والميم في «عنهم » . وقد بيّنت قبح ذلك في كلامهم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ وجعلنا لكم فيها معايش } تعيشون لها من المطاعم والملابس . وقرئ " معايش " بالهمزة على التشبيه بشمائل : { ومن لستم له برازقين } عطف على { معايش } أو على محل { لكم } ، ويريد به العيال والخدم والمماليك وسائر ما يظنون أنهم يرزقونهم ظنا كاذبا ، فإن الله يرزقهم وإياهم ، وفذلكة الآية الاستدلال يجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين مختلفة الأجزاء في الوضع محدثة فيها أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقه وطبيعة ، مع جواز أن لا تكون كذلك على كمال قدرته وتناهي حكمته ، والتفرد في الألوهية والامتنان على العباد بم أنعم عليهم في ذلك ليوحدوه يعبدوه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

و { معايش } جمع معيشة . وقرأها الأعمش بالهمز وكذلك روى خارجة عن نافع . والوجه ترك الهمز لأن أصل ياء معيشة الحركة . فيردها إلى الأصل الجمع ، بخلاف : مدينة ومدائن{[7144]} .

وقوله : { ومن لستم له برازقين } يحتمل أن تكون { من } في موضع نصب وذلك على ثلاثة أوجه .

أحدها : أن يكون عطفاً على { معايش } ، كأن الله تعالى عدد النعم في المعايش ، وهي ما يؤكل ويلبس ، ثم عدد النعم في الحيوان والعبيد والصناع وغير ذلك مما ينتفع به الناس وليس عليهم رزقهم .

والوجه الثاني : أن تكون { من } معطوفة على موضع الضمير في { لكم } وذلك أن التقدير : وأنعشناكم وأنعشنا{[7145]} أمماً غيركم من الحيوان . فكأن الآية - على هذا - فيها اعتبار وعرض آية .

والوجه الثالث : أن تكون { من } منصوبة بفعل مضمر يقتضيه الظاهر ، تقديره : وأنعشنا من لستم له برازقين .

ويحتمل أن تكون { من } في موضع خفض عطفاً على الضمير في { لكم } وهذا قلق في النحو لأن العطف على الضمير المجرور ، وفيه قبح ، فكأنه قال : ولمن لستم له برازقين ، وأنتم تنتفعون به .


[7144]:يقول النحويون: إن الهمزة إنما تكون في هذه الياء إذا كانت زائدة، مثل صحيفة وصحائف، فأما معايش فالياء أصلية لأنها من العيش، ومعيشة وزنها مفعلة، والياء أصلها متحركة فلا تنقلب في الجمع همزة، وبهذا يتصح كلام المؤلف.
[7145]:في بعض الأصول: "وأمعشناكم وأمعشنا أمما غيركم" بالميم، وفي بعض آخر: "وأنعشناكم . . ." بالنون.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَ وَمَن لَّسۡتُمۡ لَهُۥ بِرَٰزِقِينَ} (20)

{ معايش } : جمع معيشة . وبعد الألف ياء تحتية لا همزة كما تقدم في صدر سورة الأعراف .

{ ومن لستم له برازقين } عطف على الضمير المجرور في { لكم } ، إذ لا يلزم للعطف على الضمير المجرور المنفصل الفصْلُ بضمير منفصل على التحقيق ، أي جعلنا لكم أيها المخاطبين في الأرض معايش ، وجعلنا في الأرض معايش لمن لستم له برازقين ، أي لمن لستم له بمطعمين .

وما صدق { مَنْ } الذي يأكل طعامه مما في الأرض ، وهي الموجودات التي تقتات من نبات الأرض ولا يعقلها النّاس .

والإتيان ب { مَن } التي الغالب استعمالها للعاقل للتغليب .

ومعنى { لستم له برازقين } نفي أن يكونوا رازقيه لأن الرزق الإطعام . ومصدر رَزَقه الرّزق بفتح الراء . وأما الرِّزق بكسر الراء فهو الاسم وهو القوت .