تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا} (16)

{ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } أي : مادتها من فضة ، [ وهي ] على صفاء القوارير ، وهذا من أعجب الأشياء ، أن تكون الفضة الكثيفة من صفاء جوهرها وطيب معدنها على صفاء القوارير .

{ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } أي : قدروا الأواني المذكورة على قدر ريهم ، لا تزيد ولا تنقص ، لأنها لو زادت نقصت لذتها ، ولو نقصت لم تف بريهم{[1310]} . ويحتمل أن المراد : قدرها أهل الجنة بنفوسهم بمقدار يوافق لذاتهم ، فأتتهم على ما قدروا في خواطرهم .


[1310]:- في ب: لم تكفهم لريهم.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا} (16)

مما لم تعهده الأرض في آنية الفضة . وهي بأحجام مقدرة تقديرا يحقق المتاع والجمال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا} (16)

وقوله{[29605]} : { قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ } فالأول منصوب بخبر " كان " أي : كانت قوارير . والثاني منصوب إما على البدلية {[29606]} أو تمييز ؛ لأنه بينه بقوله : { قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ }

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن البصري ، وغير واحد : بياض الفضة في صفاء الزجاج ، والقوارير لا تكون إلا من زجاج . فهذه الأكواب هي من فضة ، وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها ، وهذا مما لا نظير له في الدنيا .

قال ابن المبارك ، عن إسماعيل ، عن رجل ، عن ابن عباس : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } أي : على قدر ريّهم ، لا تزيد عنه ولا تنقص ، بل هي مُعَدّة لذلك ، مقدرة بحسب ريّ صاحبها . هذا معنى قول ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح ، وقتادة ، وابن أبزى ، وعبد الله بن عُبَيد الله بن عمير ، وقتادة ، والشعبي ، وابن زيد . وقاله ابن جرير وغير واحد . وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة .

وقال العَوفي ، عن ابن عباس : { قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا } قدرت للكف . وهكذا قال الربيع بن أنس . وقال الضحاك : على قدر أكُفّ الخُدّام . وهذا لا ينافي القول الأول ، فإنها مقدرة في القَدْر والرّي .


[29605]:- (4) في م، أ: "وهذه".
[29606]:- (5) في أ: "على البداية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا} (16)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَوَارِيرَاْ مِن فِضّةٍ قَدّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمّىَ سَلْسَبِيلاً } .

يقول تعالى ذكره : قَوَارِيرَ في صفاء الصفاء من فضة الفضة من البياض ، كما :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، قال : قال الحسن ، في قوله : كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : صفاء القوارير في بياض الفضة .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا يحيى بن كثير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله الله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : بياض الفضة في صفاء القوارير .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : أخبرنا ابن أبي خالد ، عن أبي صالح ، في قوله : كانَتْ قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : كان ترابها من فضة .

وقوله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : صفاء الزجاج في بياض الفضة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله : قَوَارِيرَ قَوَارِيرَ مِن فِضّةٍ قال : لو احتاج أهل الباطل أن يعملوا إناء من فضة يرى ما فيه من خلفه ، كما يرى ما في القوارير ما قدروا عليه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قال : هي من فضة ، وصفاؤها : صفاء القوارير في بياض الفضة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قَوَارِيرَ مِنْ فِضّة قال : على صفاء القوارير ، وبياض الفضة .

وقوله : قَدّرُوها تَقْدِيرا يقول : قدّروا تلك الاَنية التي يُطاف عليهم بها تقديرا على قَدْر رِيّهم لا تزيد ولا تنقص عن ذلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : قدّرُوها تَقْدِيرا قال : قُدّرت لريّ القوم .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : قَدّرُوها تَقْدِيرَا قال : قدر رِيّهم .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عمر بن عبيد ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : قَوَارِيرَ مِنْ فِضّةٍ قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : لا تنقص ولا تفيض .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : لا تتْرَع فتُهَراق ، ولا ينقصون من مائها فتنقص فهي ملأى .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قَدّرُوها تَقْدِيرا لريّهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قَدّرُوها تَقْدِيرا قدرت على ريّ القوم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : مِنْ فِضّةٍ قَدّرُوها تَقْديرا قال : قدّروها لريهم على قدر شربهم أهل الجنة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله قَدّرُوها تَقْديرا قال : ممتلئة لا تُهَراق ، وليست بناقصة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : قدّروها على قدر الكفّ . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قَدّرُوها تَقْدِيرا قال : قدرت للكفّ .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله قَدّرُوها تَقْدِيرا ، فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار : قَدّرُوها بفتح القاف ، بمعنى : قدّرها لهم السّقاة الذين يطوفون بها عليهم . ورُوي عن الشعبيّ وغيره من المتقدمين أنهم قرأوا ذلك بضمّ القاف ، بمعنى : قُدّرت عليهم ، فلا زيادة فيها ولا نقصان .

والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها فتح القاف ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه .