( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) . . والتقابل واضح في العبارة . إنما تستوقفنا كلمة( سارب )وهي تكاد بظلها تعطي عكس معناها ، فظلها ظل خفاء أو قريب من الخفاء . والسارب : الذاهب . فالحركة فيها هي المقصودة في مقابل الاستخفاء . هذه النعومة في جرس اللفظ وظله مقصودة هنا كي لا تخدش الجو . جو العلم الخفي اللطيف الذاهب وراء الحمل المكنون والسر الخافي والمستخفي بالليل والمعقبات التي لا تراها الأنظار . فاختار اللفظ الذي يؤدي معنى التقابل مع المستخفي ولكن في لين ولطف وشبه خفاء !
يخبر تعالى عن إحاطة علمه بجميع خلقه ، سواء{[15468]} منهم من أسر قوله أو جهر به ، فإنه يسمعه لا يخفى عليه شيء كما قال : { وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى } [ طه : 7 ] وقال : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [ النمل : 25 ] وقالت عائشة ، رضي الله عنها : سبحان الذي وسع سمعه الأصوات ، والله لقد جاءت المجادلة تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا في جنب البيت ، وإنه ليخفى عليَّ بعض كلامها ، فأنزل الله : { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ المجادلة : 1 ] .
وقوله : { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ } أي : مختف في قعر بيته في ظلام الليل ، { وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ } أي : ظاهر ماش في بياض النهار وضيائه ، فإن كليهما{[15469]} في علم الله على السواء ، كما قال تعالى : { أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } [ هود : 5 ] وقال تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [ يونس : 61 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.