غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{سَوَآءٞ مِّنكُم مَّنۡ أَسَرَّ ٱلۡقَوۡلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنۡ هُوَ مُسۡتَخۡفِۭ بِٱلَّيۡلِ وَسَارِبُۢ بِٱلنَّهَارِ} (10)

1

ثم زاد في التأكيد فقال : { سواء منكم من أسر القول ومن جهر به } أي مستوفى علمه هذان لأنه يعلم السر كما يعلم الجهر لا يتفاوت في علمه أحد الحالين { و } سواء عنده { من هو مستخف بالليل وسارب } على أن { سارب } معطوف على { من } لا على { مستخف } ليتناول معنى الاستواء شخصين : أحدهما مستخف والآخر سارب . وإلا فلم يتناول إلا واحداً هو مستخف وسارب إلا أن يكون " من " في معنى الاثنين حتى كأنه قيل : سواء منكم اثنان مستخف بالليل وسارب { بالنهار } وفي المستخفي والسارب قولان : أحدهما أن المستخفي هو المستتر الطالب للخفاء في ظلمة الليل ، والسارب من يضطرب في الطرقات ظاهراً بالنهار يبصره كل أحد . يقال : سرب في الأرض سروباً أي ذهب في سربه بالفتح والسكون وهو الطريق ويؤديه قول مجاهد : معناه سواء من يقدم على القبائح في ظلمات الليالي ومن يأتي بها في النهار الظاهر على سبيل التوالي . وثانيهما نقل الواحدي عن الأخفش وقطرب : المستخفي الظاهر من قولهم : " اختفيت الشيء " أي استخرجته ، والسارب المتواري الداخل سرباً بفتحتين ومنه انسرب الوحش إذا دخل في كناسه . وهذا وإن صح من حيث اللغة لكن قرينتي الليل والنهار إنما تساعدان القول الأول ، ولهذا أطبق أكثر المفسرين عليه .

/خ11