وبعد ما بين سبحانه أنه عالم بجميع أحوالِ الإنسان في مراتبِ فطرتِه ومحيطٌ بعالَمي الغيب والشهادة بيّن أنه تعالى عالمٌ بجميع ما يأتون وما يذرون من الأفعال والأقوال وأنه لا فرق بالنسبة إليه بين السرِّ والعلن فقال : { سَوَاء منْكُمْ منْ أَسَرَّ القول } في نفسه { وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } أظهره لغيره { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ } مبالغٌ في الاختفاء كأنه مختفٍ { بالليل } وطالبٌ للزيادة { وَسَارِبٌ } بارزٌ يراه كلُّ أحد { بالنهار } من سرَب سروباً أي برَز وهو عطفٌ على مَنْ هو مستخفٍ أو على مستخف و ( من ) عبارةٌ عن الاثنين كما في قوله : [ الطويل ]
تعالَ فإنْ عاهدتَني لا تخونُني *** نكنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يصطحبانِ{[458]}
كأنه قيل : سواءٌ منكم اثنان مستخفٍ بالليل وساربٌ بالنهار ، والاستواءُ وإن أسند إلى من أسرّ ومن جهَر وإلى المستخفي والساربِ لكنه في الحقيقة مسنَدٌ إلى ما أسّره وما جهرَ به أو إلى الفاعل من حيث هو فاعلٌ كما في الأخيرين ، وتقديمُ الإسرارِ والاستخفاءِ لإظهار كمالِ علمِه تعالى فكأنه في التعلق بالخفيات أقدمُ منه بالظواهر وإلا فنِسبتُه إلى الكل سواءٌ لما عرَفته آنفاً . { لَهُ } أي لكلَ ممن أسرّ أو جهر والمستخفي أو السارب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.