النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{سَوَآءٞ مِّنكُم مَّنۡ أَسَرَّ ٱلۡقَوۡلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنۡ هُوَ مُسۡتَخۡفِۭ بِٱلَّيۡلِ وَسَارِبُۢ بِٱلنَّهَارِ} (10)

قوله تعالى : { سواءٌ منكم مَن أسَرَّ القول ومَن جَهَرَ به } إسرار القول : ما حدّث به نفسه ، والجهر ما حَدّث به غيره . والمراد بذلك أنه تعالى يعلم ما أسره الإنسان من خير وشر .

{ ومَن هو مستخفٍ بالليل وساربٌ بالنهار } فيه وجهان :

أحدهما : يعلم من استخفى بعمله في ظلمة الليل ، ومن أظهره في ضوء النهار . الثاني : يرى ما أخفته ظلمة الليل كما يرى ما أظهره ضوء النهار ، بخلاف المخلوقين الذين يخفي عليهم الليل أحوال أهلهم . قال الشاعر :

وليلٍ يقول الناسُ في ظلُماتِه *** سَواءٌ صحيحات العُيون وعورها

والسارب : هو المنصرف الذاهب ، مأخوذ من السُّروب في المرعى ، وهو بالعشي ، والسروج بالغداة ، قال قيس بن الخطيم :

أنَّى سَرَبْتِ وكُنْتِ غير سروب *** وتقرب الأحلام غير قريب