تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ ْ } فإن في قلوبهم من الحنق والغيظ عليهم ما يكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم ، إذ يرون هؤلاء الأعداء محاربين للّه ولرسوله ، ساعين في إطفاء نور اللّه ، وزوالا للغيظ الذي في قلوبهم ، وهذا يدل على محبة اللّه لعباده المؤمنين ، واعتنائه بأحوالهم ، حتى إنه جعل -من جملة المقاصد الشرعية- شفاء ما في صدورهم وذهاب غيظهم .

ثم قال : { وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ ْ } من هؤلاء المحاربين ، بأن يوفقهم للدخول في الإسلام ، ويزينه في قلوبهم ، ويُكَرِّهَ إليهم الكفر والفسوق والعصيان .

{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ } يضع الأشياء مواضعها ، ويعلم من يصلح للإيمان فيهديه ، ومن لا يصلح ، فيبقيه في غيه وطغيانه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

( وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ )

يشفها من غيظها المكظوم ، بانتصار الحق كاملا ، وهزيمة الباطل ، وتشريد المبطلين . .

وليس هذا وحده ولكن خيرا آخر ينتظر وثوابا آخر ينال :

( ويتوب الله على من يشاء ) . .

فانتصار المسلمين قد يرد بعض المشركين إلى الإيمان ، ويفتح بصيرتهم على الهدى حين يرون المسلمين ينصرون ، ويحسون أن قوة غير قوة البشر تؤيدهم ، ويرون آثار الإيمان في مواقفهم - وهذا ما كان فعلا - وعندئذ ينال المسلمون المجاهدون أجر جهادهم ، وأجر هداية الضالين بأيديهم ؛ وينال الإسلام قوة جديدة تضاف إلى قوته بهؤلاء المهتدين التائبين :

( والله عليم حكيم ) .

عليم بالعواقب المخبوءة وراء المقدمات . حكيم يقدر نتائج الأعمال والحركات .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

وأعاد{[13284]} الضمير في قوله : { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } عليهم أيضا .

وقد ذكر ابن عساكر في ترجمة مؤذنٍ لعمر بن عبد العزيز ، رضي الله عنه ، عن مسلم بن يسار ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غضبت أخذ بأنفها ، وقال : " يا عويش ، قولي : اللهم ، رب النبي محمد{[13285]} اغفر ذنبي ، وأذهب غيظ قلبي ، وأجرني من مضلات الفتن " .

ساقه من طريق أبي أحمد الحاكم ، عن الباغندي ، عن هشام بن عمار ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الجون عنه{[13286]}

{ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ } أي : من عباده ، { وَاللَّهُ عَلِيمٌ } أي : بما يصلح عباده ، { حَكِيمٌ } في أفعاله وأقواله الكونية والشرعية ، فيفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، وهو العادل الحاكم الذي لا يجور أبدا ، ولا يضيع مثقال ذرة من خير وشر ، بل يجازي عليه في الدنيا والآخرة .


[13284]:- في ت ، د ، ك : "وأعادوا".
[13285]:- في ك : "محمدا".
[13286]:- تاريخ دمشق (19/335) "المخطوط") ورواه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق أبي العميس عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة ومن طريق سلمة بن علي عن هشام بن عروة عن عائشة.