الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه { ويذهب غيظ قلوبهم } قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر بمكة .

وأخرج ابن اسحق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم والمسور بن خرمة قالا « كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش : إن من شاء أن يدخل في عقد النبي صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه ، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه ، فتواثبت خزاعة فقالوا : ندخل في عقد محمد وعهده ، وتواثبت بنو بكر فقالوا : ندخل في عقد قريش وعهدهم ، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهراً ، ثم إن بني بكر الذي كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلاً بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة ، فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الليل وما يرانا أحد ، فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وركب عمرو بن سالم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات أنشده إياها : »

اللهمَّ إني ناشد محمداً *** خلف أبينا وأبيه إلا تلدا

كنا والداً وكنت ولداً *** ثَمَّتَ أسلمنا ولم ننزع يدا

فانصر رسول الله نصراً عندا*** وادعُ عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا *** إن شئتم حسنا فوجهه بدر بدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا *** أن قريشاً اخلفوك موعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا *** وزعموا أن ليس تدعو أحدا

فهم أذل وأقل عددا *** قد جعلوا لي بكداء رصدا

هم بيوتنا بالهجير هجدا *** وقتلونا ركَّعا وسجَّدا

« فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نصرت يا عمرو بن سالم ، فما برح حتى مرت غمامة في السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذه السحابة لتشهد بنصر بني كعب ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاد وكتمهم مخرجه ، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم » .