إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

{ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } بما كابدوا من المكاره والمكايدِ ولقد أنجز الله سبحانه جميع ما وعدهم به على أجمل ما يكون فكان إخبارُه عليه الصلاة والسلام بذلك قبل وقوعِه معجزةً عظيمة { وَيَتُوبُ الله على مَن يَشَاء } كلامٌ مستأنفٌ ينبىء عما سيكون من بعض أهلِ مكةَ من التوبة المقبولةِ بحسب مشيئتِه تعالى المبنيةِ على الحِكَم البالغةِ فكان كذلك حيث أسلم ناسٌ منهم وحسُن إسلامُهم . وقرئ بالنصب بإضمار أن ودخولُ التوبةِ في جملة ما أجيب به الأمرُ بحسب المعنى فإن القتالَ كما هو سببٌ لفشل شوكتِهم وإلانةِ شَكيمتِهم فهو سبب للتدبر في أمرهم وتوبتِهم من الكفر والمعاصي وللاختلاف في وجه السببية غُيِّر السبكُ والله تعالى أعلم { والله } إيثارُ إظهارِ الجلالة على الإضمار لتربية المهابةِ وإدخالِ الروعة { عَلِيمٌ } لا يخفى عليه خافية { حَكِيمٌ } لا يفعل ولا يأمر إلا بما فيه حكمةٌ ومصلحةٌ .