ثم زاد في تأكيد الأمر بالقتال فقال : { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم } ورتب على هذا الأمر فوائد :
الأولى : تعذيب الله للكفار بأيدي المؤمنين بالقتل والأسر .
والثانية : إخزاؤهم قيل بالأسر وقيل بما نزل بهم من الذل والهوان .
والثالثة : نصر المسلمين عليهم وغلبتهم لهم .
والرابعة : أن الله يشفي بالقتال صدور قوم مؤمنين ممن لم يشهد القتال ولا حضره .
والخامسة : أنه سبحانه يذهب بالقتال غيظ قلوب المؤمنين الذي نالهم بسبب ما وقع من الكفار من الأمور الجالبة للغيظ وحرج الصدر .
فإن قيل شفاء الصدور وإذهاب غيظ القلوب كلاهما بمعنى فيكون تكرارا .
قيل في الجواب : إن القلب أخص من الصدر ، وقيل : إن شفاء الصدور إشارة إلى الوعد بالفتح ، ولا ريب أن الانتظار لنجاز الوعد مع الثقة به فيه شفاء للصدور ، وأن إذهاب غيظ القلوب إشارة إلى وقوع الفتح ، وقد وقعت للمؤمنين ولله الحمد هذه الأمور كلها .
عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في خزاعة ، وعن مجاهد والسدي وقتادة نحو ، وقد ساق القصة ابن إسحاق في سيرته وأورد فيها النظم الذي أرسلته خزاعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوله .
يا رب إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا
وأخرج القصة البيهيقي في الدلائل ثم قال : { ويتوب الله على من يشاء } وهو ابتداء كلام مستأنف يتضمن الإخبار بما سيكون ، وهو أن بعض الكافرين يتوب عن كفره كما وقع من بعض أهل مكة يوم الفتح فإنهم أسلموا وحسن إسلامهم كأبي سفيان وعكرمة وسهيل ابن عمرو ، فهؤلاء كانوا أئمة الكفر ثم منّ الله عليهم بالإسلام يوم فتح مكة .
فإن قيل{[876]} كيف تقع التوبة جزاء للمقاتلة ؟ أجيب بأن القتال قد يكون سببا لها إذا كانت من جهة الكفار ، وأما إذا كانت من جهة المسلمين فوجهه أن النصر والظفر من جهة الله يكون سببا لخلوص النية والتوبة عن الذنوب . { والله عليم حكيم } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.