بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (15)

{ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } يعني : حقد قلوب خزاعة وروى مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : لما كان يوم فتح مكة ، آمن الناس إلا ستة ، ونفر عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن أخطل ، ومقيس بن ضبابة ، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وامرأتين فقال : اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة .

وروى عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى مكة ، ذكر إلى أن قال : دخل صناديد قريش من المشركين إلى الكعبة ، وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم ، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت فصلى ركعتين ، ثم أتى الكعبة ، فأخذ بعضادتي الباب فقال : « ما تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ ؟ » نقول أخ كريم ، وابن عم حليم رحيم . قال : أقول كما قال يوسف : « { لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم يَغْفِرُ الله لَكُمْ } » . قال : فخرجوا كأنما نشروا من القبور ودخلوا في الإسلام ؛ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يلي الصفا ، فخطب والأنصار أسفل منه ، فقالت الأنصار بعضهم لبعض : أما إن الرجل أخذته الرأفة بقومه ، وأدركته الرغبة في قرابته . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أَقُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ وَالله إِنِّي رَسُولُ الله حَقّاً . إِنَّ مَحْيَاه لَمَحْيَاكُمْ ، وَإِنَّ مَمَاتَه لَمَمَاتُكُمْ » . فقالوا : يا رسول الله قلنا مخافة أن تفارقنا ضناً بك . قال : « أَنْتُمْ الصَّادِقُونَ عِنْدَ الله وَعِنْدَ رَسُولِهِ » . قال الله تعالى : { وَيَتُوبُ الله على مَن يَشَاء } ، يعني : من أهل مكة يهديهم الله لدينه . { والله عَلِيمٌ } بمن يؤمن من خلقه ، { حَكِيمٌ } في أمره .