تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (103)

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (103)

75

( ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ) . .

وينطبق هذا القول على الذين كانوا يتعلمون السحر من الملكين ببابل ، وعلى الذين يتبعون ما تقصه الشياطين عن عهد سليمان وملكه ، وهم اليهود الذين ينبذون كتاب الله وراءهم ظهريا ، ويتبعون هذا الباطل وهذا الشر الذميم .

/خ103

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (103)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُواْ واتّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مّنْ عِندِ اللّهِ خَيْرٌ لّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

يعني جل ثناؤه بقوله : { وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقُوا } ، لو أن الذين يتعلمون من الملكين ما يفرّقون به بين المرء وزوجه آمنوا ، فصدّقوا الله ورسوله وما جاءهم به من عند ربهم ، واتقوا ربهم فخافوه فخافوا عقابه ، فأطاعوه بأداء فرائضه وتجنبوا معاصيه لكان جزاء الله إياهم وثوابه لهم على إيمانهم به وتقواهم إياه خيرا لهم من السحر وما اكتسبوا به لو كانوا يعلمون أن ثواب الله إياهم على ذلك خير لهم من السحر ومما اكتسبوا به . وإنما نفى بقوله : لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ، العلم عنهم أن يكونوا عالمين بمبلغ ثواب الله وقدر جزائه على طاعته .

والمثوبة في كلام العرب مصدرٌ من قول القائل : أثبتك إثابةً وثوابا ومَثُوبة ، فأصل ذلك من ثاب إليك الشيء بمعنى رجع ، ثم يقال : أثبته إليك : أي رجعته إليك ورددته . فكان معنى إثابة الرجل الرجل على الهدية وغيرها : إرجاعه إليها منها بدلاً ، وردّه عليه منها عوضا . ثم جعل كلّ معوّض غيره من عمله أو هديته أو يد له سلفت منه إليه مثيبا له . ومنه ثواب الله عزّ وجل عباده على أعمالهم ، بمعنى إعطائه إياهم العوض والجزاء عليه ، حتى يرجع إليهم بدل من عملهم الذي عملوا له . وقد زعم بعض نحويي البصرة أن قوله : { وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقَوا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ خَيْرٌ } مما اكتفي بدلالة الكلام على معناه عن ذكر جوابه ، وأن معناه : ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا ولكنه استغنى بدلالة الخبر عن المثوبة عن قوله : لأثيبوا . وكان بعض نحويي أهل البصرة ينكر ذلك ، ويرى أن جواب قوله : وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقَوا لَمَثُوبَةٌ وأن «لو » إنما أجيبت بالمثوبة ، وإن كانت أخبر عنها بالماضي من الفعل لتقارب معناه من معنى «لئن » في أنهما جزاءان ، فإنهما جوابان للإيمان ، فأدخل جواب كلّ واحدة منهما على صاحبتها ، فأجيبت «لو » بجواب «لئن » ، و«لئن » بجواب «لو » لذلك وإن اختلفت أجوبتهما فكانت «لو » من حكمها وحظها أن تجاب بالماضي من الفعل ، وكانت «لئن » من حكمها وحظها أن تجاب بالمستقبل من الفعل لما وصفنا من تقاربهما ، فكان يتأوّل معنى قوله : { وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقَوا } : ولئن آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير .

وبما قلنا في تأويل المثوبة قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ } يقول : ثواب من عند الله .

حدثني يونس ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : { وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ } أما المثوبة ، فهو الثواب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : { وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُوا وَاتّقُوا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ خَيْرٌ } يقول : لثواب من عند الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (103)

{ ولو أنهم آمنوا } بالرسول والكتاب . { واتقوا } بترك المعاصي ، كنبذ كتاب الله واتباع السحر { لمثوبة من عند الله خير } جواب لو ، وأصله لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم ، فحذف الفعل وركب الباقي جملة اسمية لتدل على ثبات المثوبة والجزم بخيريتها ، وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من أن ينسب إليه ، وتنكير المثوبة لأن المعنى لشيء من الثواب خير ، وقيل : لو للتمني ، و{ لمثوبة } كلام مبتدأ . وقرئ { لمثوبة } كمشورة ، وإنما سمي الجزاء ثوابا ومثوبة لأن المحسن يثوب إليه { لو كانوا يعلمون } أن ثواب الله خير مما هم فيه ، وقد علموا لكنه جهلهم لترك التدبر ، أو العمل بالعلم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَوۡاْ لَمَثُوبَةٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ خَيۡرٞۚ لَّوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (103)

{ وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }( 103 )

وقوله تعالى : { ولو أنهم آمنوا } : موضع «أن » رفع ، المعنى لو وقع إيمانهم ، ويعني الذين اشتروا السحر ، { ولو } تقتضي جواباً ، فقالت فرقة جوابها { لمثوبة } ، لأنها مصدر للمضي والاستقبال ، وجواب { لو } لا يكون إلا ماضياً أو بمعناه ، وقال الأخفش : لا جواب ل { لو } في هذه مظهراً ولكنه مقدر ، أي لو آمنوا لأثيبوا .

وقرأ قتادة وأبو السمال وابن بريدة «لمثْوَبة » بسكون الثاء وفتح الواو ، وهو مصدر أيضاً كمشورة ومشورة ، ومثوبة رفع بالابتداء و { خير } خبره والجملة خبر ان ، والمثوبة عند جمهور الناس بمعنى الثواب والأجر ، وهذا هو الصحيح ، وقال قوم : معناه الرجعة إلى الله من ثاب يثوب إذا رجع ، واللام فيها لام القسم( {[1047]} ) لأن لام الابتداء مستغنى عنها ، وهذه لا غنى عنها ، وقوله تعالى : { لو كانوا يعلمون } يحتمل نفي العلم عنهم ، ويحتمل أن يراد : لو كانوا يعلمون علماً ينفع .


[1047]:- أي: وليست ابتدائية والتقدير: ولو أنهم آمنوا واتقوا لأثيبوا، والله (لمثوبة من عند الله خير)، الآية.