تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ 24 - 29 } { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ْ }

يقول تعالى -مخبرا عن شدة تكذيب المشركين بآيات الله : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ْ } أي : إذا سألوا عن القرآن والوحي الذي هو أكبر نعمة أنعم الله بها على العباد ، فماذا قولكم به ؟ وهل تشكرون هذه النعمة وتعترفون بها أم تكفرون وتعاندون ؟

فيكون جوابهم أقبح جواب وأسمجه ، فيقولون عنه : إنه { أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ْ } أي : كذب اختلقه محمد على الله ، وما هو إلا قصص الأولين التي يتناقلها الناس جيلا بعد جيل ، منها الصدق ومنها الكذب ، فقالوا هذه المقالة ، ودعوا أتباعهم إليها ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

وقوله - سبحانه - : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأولين } حكاية لبعض ما كان يدور بين أولئك المستكبرين ، وبين غيرهم من أسئلة واستفسارات حول القرآن الكريم .

والأساطير : جمع أسطورة ، كأعاجيب وأعجوبة ، وأحاديث وأحدوثة .

والمراد بها : الأكاذيب والترهات التى لا أصل لها ، والتى كانت مبثوثة فى كتب الأولين .

والمعنى : وإذا قال قائل لهؤلاء الكافرين المستكبرين ، أى شئ أنزل ربكم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .

قالوا له على سبيل الجحود للحق : لم ينزل عليه شئ ، وإنما هذا القرآن الذين يتلوه محمد صلى الله عليه وسلم على أتباعه ، هو من أساطير الكهنة الأولين ، نقله من كتبهم ثم قرأه على من يستمع إليه .

روى ابن أبى حاتم عن السدى قال : " اجتمعت قريش فقالوا : إن محمدا صلى الله عليه وسلم رجل حلو اللسان إذا كلمه الرجل ذهب بعقله ، فانظرو أناسا من أشرافكم المعدودين المعروفة أنسابهم ، فابعثوهم فى كل طريق من طرق مكة على رأس ليلة أو ليلتين ، فمن جاءه يريده ردوه عنه .

فخرج ناس فى كل طريق ، فكان إذا أقبل الرجل وافدا لقومه ينظر ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم ووصل إليهم ، قال أحدهم : أنا فلان بن فلان ، فيعرفه بنسبه ، ثم يقول للوافد : أنا أخبرك عن محمد صلى الله عليه وسلم إنه رجل كذاب لم يتبعه على أمره إلا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيهم ، وأما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له ، فيرجع الوافد . فذلك قوله - تعالى - { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأولين } .

فإن كان الوافد ممن عزم الله له الرشاد ، فقالوا له مثل ذلك قال : بئس الوافد لقوم أنا ، إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم - من مكة - رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل ، وأنظر ما يقول ، وآتى قومى ببيان أمره . فيدخل مكة ، فيلقى المؤمنين فيسألهم : ماذا يقول محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون خيرا . . " .

وعبر - سبحانه - بالفعل { قيل } المبنى للمجهول ، للإِشارة إلى أن هذا القول الذى تفوه به عتاة الكافرين ، كانوا يقولونه لكل من يسألهم عن القرآن الكريم ، لكى يصدوه عن الدخول فى الإِسلام . وجملة { مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ } نائب فاعل لقيل .

وقولهم - كما حكى القرآن عنهم - { أساطير الأولين } خبر لمبتدأ محذوف .

أى : قالوا هو أساطير الأولين أو المسئول عنه : أساطير الأولين .

ولقد حكى القرآن قولهم الباطل هذا ، ورد عليه بما يدحضه فى آيات كثيرة ، ومن ذلك قوله - تعالى - : { وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين اكتتبها فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

يقول تعالى : وإذا قيل لهؤلاء المكذبين : { مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ قَالُوا } معرضين عن الجواب : { أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } أي : لم ينزل شيئًا ، إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين ، أي : مأخوذ من كتب المتقدمين ، كما قال تعالى : { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا } [ الفرقان : 5 ] أي : يفترون على الرسول ، ويقولون [ فيه ]{[16385]} أقوالا مختلفة متضادة{[16386]} ، كلها باطلة{[16387]} كما قال تعالى : { انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا } [ الفرقان : 9 ] ، وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ ، وكانوا يقولون : ساحر ، وشاعر ، وكاهن ، ومجنون . ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمى بالوليد بن المغيرة المخزومي ، لما { فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ } [ المدثر : 18 - 24 ] أي : ينقل ويحكى ، فتفرقوا عن قوله ورأيه ، قبحهم الله .


[16385]:زيادة من ت، ف، أ.
[16386]:في ت، ف ،: "متضادة مختلفة".
[16387]:في ت، ف، أ: "باطل".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مّاذَآ أَنْزَلَ رَبّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالاَخرة من المشركين : ماذَا أَنْزَلَ رَبّكُمْ أيّ شيء أنزل ربكم ؟ قالوا : الذي أنزل ما سطّره الأوّلون من قبلنا من الأباطيل . وكان ذلك كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ماذَا أنْزَلَ رَبّكُمْ قالُوا أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول : أحاديث الأوّلين وباطلهم ، قال ذلك قوم من مشركي العرب كانوا يقعدون بطريق من أتى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا مرّ بهم أحد من المؤمنين يريد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا لهم : أساطير الأوّلين ، يريد : أحاديث الأوّلين وباطلهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول : أحاديث الأوّلين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

{ وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } القائل بعضهم على التهكم أو الوافدون عليهم أو المسلمون . { قالوا أساطير الأولين } أي ما تدعون نزوله ، أو المنزل أساطير الأولين ، وإنما سموه منزلا على التهكم أو على الفرض أي على تقدير أنه منزل فهو أساطير الأولين لا تحقيق فيه ، والقائلون قيل هم المقتسمون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡ قَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ} (24)

وقوله { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } الآية ، الضمير في { لهم } لكفار مكة ، ويقال إن سبب الآية كان النضر بن الحارث ، سافر عن مكة إلى الحيرة وغيرها ، وكان قد اتخذ كتب التواريخ والأمثال ككليلة ودمنة ، وأخبار السندباد ، ورستم ، فجاء إلى مكة ، فكان يقول : إنما يحدث محمد بأساطير الأولين ، وحديثي أجمل من حديثه ، وقوله { ماذا } يجوز أن تكون «ما » استفهاماً ، و «ذا » بمعنى الذي ، وفي { أنزل } ضمير عائد ، ويجوز أن يكون «ما » و «ذا » اسماً واحداً مركباً ، كأنه قال : أي شيء وقوله { أساطير الأولين } ليس بجواب على السؤال لأنهم لم يريدوا أنه نزل شيء ولا أن تم منزلاً ، ولكنهم ابتدوا الخبر بأن هذه { أساطير الأولين } ، وإنما الجواب على السؤال ، قول المؤمنين في الآية المستقبلة

{ خيراً } [ النحل : 30 ] وقولهم : { أساطير الأولين } إنما هو جواب بالمعنى ، فأما على السؤال وبحسبه فلا .