تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونٗا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيٗا فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (45)

{ وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ } فاندرس العلم ، ونسيت آياته ، فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك وإلى ما علمناك وأوحينا إليك . { وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا } أي : مقيما { فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } أي : تعلمهم وتتعلم منهم ، حتى أخبرت بما أخبرت من شأن موسى في مدين ، { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أي : ولكن ذلك الخبر الذي جئت به عن موسى ، أثر من آثار إرسالنا إياك ، وَوَحْيٌ لا سبيل لك إلى علمه ، بدون إرسالنا .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونٗا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيٗا فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (45)

وقوله - سبحانه - : { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العمر } بيان للأسباب التى من أجلها قص الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم أخبار الأمم السابقة .

أى : أنت أيها الرسول الكريم - لم تكن معاصرا لتلك الأحداث ولكن أخبرناك بها عن طريق الوحى ، والسبب فى ذلك أن بينك وبين موسى وغيره من الأنبياء أزمانا طويلة ، تغيرت فيه الشرائع والأحكام ، وعميت على الناس الأنبياء ، فكان من الخير والحكمة أن نقص عليك أخبار السابقين بالحق الذى لا يحوم حوله باطل ، حتى يعرف الناس الأمور على وجهها الصحيح .

قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف يتصل قوله : { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً } بهذا الكلام ؟

قلت : اتصاله به وكونه استدراكا له ، من حيث إن معناه : ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحى إلى عهدك قرونا طويلة { فَتَطَاوَلَ } على آخرهم : وهو القرن الذى أنت فيهم { العمر } .

أى : أمد انقطاع الوحى ، واندرست العلوم ، فوجب إرسالك إليهم ، فأرسلناك وأكسبناك - أى : وأعطيناك - العلم بقصص الأنبياء . . فذكر سبب الوحى الذى هو إطالة الفترة ودل به على المسبب ، على عادة الله - تعالى - فى اختصاراته .

وقوله - سبحانه - : { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً في أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } مؤكدة لمضمون ما قبله . من عدم معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم لأخبار السابقين إلا عن طريق الوحى .

وقوله : { ثَاوِياً } من الثواء بمعنى الإقامة . يقال : ثوى فلان بالمكان يثوى ثواء فهو ثاو ، إذا أقام فيه . والمثوى : المنزل ، ومنه الأثر القائل : أصحلوا مثاويكم ، أى : منازلكم .

أى : وما كنت - أيها الرسول الكريم - مقيما فى أهل مدين ، وقت تلاوتك على أهل مكة المكرمة ، قصة موسى والشيخ الكبير وما جرى بينهما ، حتى تنقلها إليهم بطريق المشاهدة وإنما أنت أخبرتهم بها عن طريق وحينا الصادق المتمثل فيما أنزلناه عليك من آيات القرآن البينات .

فالضمير فى قوله { تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ } يعود على أهل مكة . والجملة حالية .

ويرى أكثر المفسرين أن الضمير لأهل مدين ، أى وما كنت مقيما فى أهل مدين ، تقرأ عليهم آياتنا ، وتتعلم منهم ، والجملة حالية - أيضا - أو خبر ثان .

وعلى كلا التفسيرين فالمقصود بالجملة الكريم إثبات أن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأولين ، إنما هو عن طريق الوحى ليس غير .

وقوله - سبحانه - : { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } أى : ولكنا كنا مرسلين لك ، وموحين إليك بتلك الآيات وفيها ما فيها عن أخبار الأولين . لإحقاق الحق وإبطال الباطل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونٗا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيٗا فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (45)

44

وإن بينه وبين هذا الحادث لقرونا من الناس - أي أجيالا متطاولة : ( ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر ) . فتلك دلالة على أن الذي نبأه به هو العليم الخبير ، الذي يوحي إليه بالقرآن الكريم .

ولقد تحدث القرآن كذلك بأنباء مدين ، ومقام موسى - عليه السلام - بها وتلاها رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وما كان مقيما في أهل مدين ، يتلقى عنهم أخبار هذه الفترة بمثل ذلك التفصيل الذي جاءت فيه : ( ولكنا كنا مرسلين )بهذا القرآن وما فيه من أنباء السابقين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونٗا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيٗا فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (45)

و «الثاوي » المقيم .