الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلَٰكِنَّآ أَنشَأۡنَا قُرُونٗا فَتَطَاوَلَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡعُمُرُۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيٗا فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ تَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرۡسِلِينَ} (45)

فإن قلت : كيف يتصل قوله : { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً } بهذا الكلام ؟ ومن أي وجه يكون استدراكاً له ؟ قلت : اتصاله به وكونه استدراكاً له ، من حيث أن معناه : ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قرونا كثيرة { فَتَطَاوَلَ } على آخرهم : وهو القرن الذي أنت فيهم { العمر } أي أمد انقطاع الوحي واندرست العلوم ، فوجب إرسالك إليهم ، فأرسلناك وكسبناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى عليهم السلام ، كأنه قال : وما كنت شاهداً لموسى وما جرى عليه ، ولكنا أوحينا إليك . فذكر سبب الوحي الذي هو إطالة الفترة ؛ ودلّ به على المسبب على عادة الله عز وجل في اختصاراته ؛ فإذاً هذا الاستدراك شبيه الاستدراكين بعده { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } أي مقيماً { فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } وهم شعيب والمؤمنون به { تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياتنا } تقرؤها عليهم تعلماً منهم ، يريد : الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه ، ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها .