تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ} (90)

{ أُولَئِكَ } المذكورون { الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ } أي : امش -أيها الرسول الكريم- خلف هؤلاء الأنبياء الأخيار ، واتبع ملتهم وقد امتثل صلى الله عليه وسلم ، فاهتدى بهدي الرسل قبله ، وجمع كل كمال فيهم . فاجتمعت لديه فضائل وخصائص ، فاق بها جميع العالمين ، وكان سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، وبهذا الملحظ ، استدل بهذه من استدل من الصحابة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أفضل الرسل كلهم .

{ قُلْ } للذين أعرضوا عن دعوتك : { لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } أي : لا أطلب منكم مغرما ومالا ، جزاء عن إبلاغي إياكم ، ودعوتي لكم فيكون من أسباب امتناعكم ، إن أجري إلا على الله .

{ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } يتذكرون به ما ينفعهم ، فيفعلونه ، وما يضرهم ، فيذرونه ، ويتذكرون به معرفة ربهم بأسمائه وأوصافه . ويتذكرون به الأخلاق الحميدة ، والطرق الموصلة إليها ، والأخلاق الرذيلة ، والطرق المفضية إليها ، فإذا كان ذكرى للعالمين ، كان أعظم نعمة أنعم الله بها عليهم ، فعليهم قبولها والشكر عليها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ قُل لَّآ أَسۡـَٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ أَجۡرًاۖ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرَىٰ لِلۡعَٰلَمِينَ} (90)

ثم قال - تعالى - { أولئك الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده } أى : أولئك الأنبياء الذين ذكرناهم لك - يا محمد - هم الذين هديناهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم فبهداهم ، أى : فبطريقتهم فى الإيمان بالله وفى تمسكهم بمكارم الأخلاق كن مقتديا ومتأسيا .

والمقصود إنما هو التأسى بهم فى أصول الدين ، أما الفروع القابلة للنسخ فإنهم يختلفون فيها ويجوز عدم الاقتداء بهم بالنسبة لها قال - تعالى - { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } وتكرير اسم الإشارة لتأكيد تمييز المشار إليه ، ولما يقتضيه للتكرير من الاهتمام بالخبر .

وفى قوله { فَبِهُدَاهُمُ اقتده } تعريض بالمشركين إذ أن النبى صلى الله عليه وسلم ما جاء إلا على سنة الرسل كلهم وأنه ما كان بدعا منهم ، أما هم فقد اختلقوا لأنفسهم عبادات ما أنزل الله بها من سلطان .

ثم ختم الله - تعالى - هذا السياق بقوله : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } أى : قل أيها الرسول الكريم لمن بعثت إليهم لا أطلب منكم على ما أدعوكم إليه من خير وما أبلغكم إياه من قرآن أجرا قليلا أو كثيرا .

{ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذكرى لِلْعَالَمِينَ } أى : ما هذا القرآن إلا تذكيرا وموعظة للناس أجمعين فى كل زمان ومكان .

قال بعضهم : وفى الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الجن والإنس وأن دعوته قد عمت جميع الخلائق .