تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ 28 - 29 } { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا }

لما اجتمع نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الغيرة ، وطلبن منه النفقة والكسوة ، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت ، ولم يزلن في طلبهن متفقات ، في مرادهن متعنتات ، شَقَّ ذلك على الرسول ، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا .

فأراد اللّه أن يسهل الأمر على رسوله ، وأن يرفع درجة زوجاته ، ويُذْهِبَ عنهن كل أمر ينقص أجرهن ، فأمر رسوله أن يخيرهن{[702]}  فقال : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي : ليس لكن في غيرها مطلب ، وصرتن ترضين لوجودها ، وتغضبن لفقدها ، فليس لي فيكن أرب وحاجة ، وأنتن بهذه الحال .

{ فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ } شيئا مما عندي ، من الدنيا { وَأُسَرِّحْكُنَّ } أي : أفارقكن { سَرَاحًا جَمِيلًا } من دون مغاضبة ولا مشاتمة ، بل بسعة صدر ، وانشراح بال ، قبل أن تبلغ الحال إلى ما لا ينبغي .


[702]:- في أ: يخبرهن.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ يا أيها النبي قل لأزواجك } الآية نزلت حين سألت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من عرض الدنيا وآذينه بزيادة النفقة فأنزل الله سبحانه هذه الآيات وأمره أن يخيرهن بين الإقامة معه على طلب ما عند الله أو السراح إن أردن الدنيا وهو قوله { إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن } متعة الطلاق فقرأ عليهن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآيات فاخترن الآخرة على الدنيا والجنة على الزينة فرفع الله سبحانه درجتهن على سائر النساء بقوله { يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة . . . }

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيۡنَ أُمَتِّعۡكُنَّ وَأُسَرِّحۡكُنَّ سَرَاحٗا جَمِيلٗا} (28)

{ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } الآية : سببها أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم تغايرن حتى غمه ذلك ، وقيل : طلبن منه الملابس ونفقات كثيرة ، وكان أزواجه يومئذ تسع نسوة خمس من قريش وهن عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسودة بنت زمعة ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وأم سلمة بنت أبي أمية ، وأربع من غير قريش وهم ميمونة بنت الحارث الهلالية ، وصفية بنت حييّ من بني إسرائيل وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق . { فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } أصل تعال أن يقوله من كان في موضع مرتفع لمن في موضع منخفض ثم استعملت بمعنى أقبل في جميع الأمكنة ؛ و{ أمتعكن } من المتعة وهي الإحسان إلى المرأة إذا طلقت والسراح الطلاق ، فمعنى الآية : أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه بين الطلاق والمتعة إن أرادوا زينة الدنيا ، وبين البقاء في عصمته إن أرادوا الآخرة ، فبدأ صلى الله عليه وسلم بعائشة : فاختارت البقاء في عصمته ، ثم تبعها سائرهن في ذلك ، فلم يقع طلاق ، وقالت عائشة : خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ولم يعد ذلك طلاقا ، وإذا اختارت المخيرة الطلاق : فمذهب مالك أنه ثلاث . وقيل : طلقة بائنة ، وقيل : طلقة رجعية ووصف السراح بالجميل : يحتمل أن يريد أنه دون الثلاث ، أو يريد أنه ثلاث ، وجماله حسن الرعي والثناء وحفظ العهد .