تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

ثم نبههم على الدليل العقلي ، الدال على عدم استبعاد البعث ، الذي استبعدوه ، وأنهم لو نظروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ، من السماء والأرض فرأوا من قدرة اللّه فيهما ، ما يبهر العقول ، ومن عظمته ما يذهل العلماء الفحول ، وأن خلقهما وعظمتهما وما فيهما من المخلوقات ، أعظم من إعادة الناس - بعد موتهم - من قبورهم ، فما الحامل لهم ، على ذلك التكذيب مع التصديق ، بما هو أكبر منه ؟ نعم ذاك خبر غيبي إلى الآن ، ما شاهدوه ، فلذلك كذبوا به .

قال اللّه : { إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ } أي : من العذاب ، لأن الأرض والسماء تحت تدبيرنا ، فإن أمرناهما لم يستعصيا ، فاحذروا إصراركم على تكذيبكم ، فنعاقبكم أشد العقوبة . { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : خلق السماوات والأرض ، وما فيهما من المخلوقات { لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ }

فكلما كان العبد أعظم إنابة إلى اللّه ، كان انتفاعه بالآيات أعظم ، لأن المنيب مقبل إلى ربه ، قد توجهت إراداته وهماته لربه ، ورجع إليه في كل أمر من أموره ، فصار قريبا من ربه ، ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته ، فيكون نظره للمخلوقات نظر فكرة وعبرة ، لا نظر غفلة غير نافعة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

{ أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض } يقول أما يعلمون أنهم حيث ما كانوا فهم يرون ما بين أيديهم من الأرض والسماء مثل الذي خلفهم وأنهم لا يخرجون منها فكيف يأمنون { إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء } عذابا { إن في ذلك لآية لكل عبد منيب } لعلامة تدل على قدرة الله سبحانه على إحياء الموتى لكل من أناب إلى الله تعالى وتأمل ما خلق الله سبحانه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَىٰ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِن نَّشَأۡ نَخۡسِفۡ بِهِمُ ٱلۡأَرۡضَ أَوۡ نُسۡقِطۡ عَلَيۡهِمۡ كِسَفٗا مِّنَ ٱلسَّمَآءِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَةٗ لِّكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (9)

أعلم الله تعالى أن الذي قدر على خلق السموات والأرض وما فيهن قادر على البعث وعلى تعجيل العقوبة لهم ، فاستدل بقدرته عليهم ، وأن السموات والأرض ملكه ، وأنهما محيطتان بهم من كل جانب ، فكيف يأمنون الخسف والكسف . كما فعل بقارون وأصحاب الأيكة . وقرأ حمزة والكسائي إن يشأ يخسف بهم الأرض أو يسقط " بالياء في الثلاث ؛ أي إن يشأ الله أمر الأرض فتنخسف بهم ، أو السماء فتسقط عليهم كسفا . الباقون بالنون على التعظيم . وقرأ السلمي وحفص " كسفا " بفتح السين . الباقون بالإسكان . وقد تقدم بيانه في " الإسراء " {[12959]} وغيرها . " إن في ذلك لآية " أي في هذا الذي ذكرناه من قدرتنا " لآية " أي دلالة ظاهرة . " لكل عبد منيب " أي تائب رجاع إلى الله بقلبه . وخص المنيب بالذكر لأنه المنتفع بالفكرة في حجج الله وآياته .


[12959]:راجع ج 10 ص 330.