تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة سبأ وهي مكية

{ 1 - 2 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ }

الحمد : الثناء بالصفات الحميدة ، والأفعال الحسنة ، فللّه تعالى الحمد ، لأن جميع صفاته ، يحمد عليها ، لكونها صفات كمال ، وأفعاله ، يحمد عليها ، لأنها دائرة بين الفضل الذي يحمد عليه ويشكر ، والعدل الذي يحمد عليه ويعترف بحكمته فيه .

وحمد نفسه هنا ، على أن { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } ملكا وعبيدا ، يتصرف فيهم بحمده . { وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ } لأن في الآخرة ، يظهر من حمده ، والثناء عليه ، ما لا يكون في الدنيا ، فإذا قضى اللّه تعالى بين الخلائق كلهم ، ورأى الناس والخلق كلهم ، ما حكم به ، وكمال عدله وقسطه ، وحكمته فيه ، حمدوه كلهم على ذلك ، حتى أهل العقاب ما دخلوا النار ، إلا وقلوبهم ممتلئة من حمده ، وأن هذا من جراء أعمالهم ، وأنه عادل في حكمه بعقابهم .

وأما ظهور حمده في دار النعيم والثواب ، فذلك شيء قد تواردت به الأخبار ، وتوافق عليه الدليل السمعي والعقلي ، فإنهم في الجنة ، يرون من توالي نعم اللّه ، وإدرار خيره ، وكثرة بركاته ، وسعة عطاياه ، التي لم يبق في قلوب أهل الجنة أمنية ، ولا إرادة ، إلا وقد أعطي فوق ما تمنى وأراد ، بل يعطون من الخير ما لم تتعلق به أمانيهم ، ولم يخطر بقلوبهم .

فما ظنك بحمدهم لربهم في هذه الحال ، مع أن في الجنة تضمحل العوارض والقواطع ، التي تقطع عن معرفة اللّه ومحبته والثناء عليه ، ويكون ذلك أحب إلى أهلها من كل نعيم ، وألذ عليهم من كل لذة ، ولهذا إذا رأوا اللّه تعالى ، وسمعوا كلامه عند خطابه لهم ، أذهلهم ذلك عن كل نعيم ، ويكون الذكر لهم في الجنة ، كالنَّفس ، متواصلا في جميع الأوقات ، هذا إذا أضفت ذلك إلى أنه يظهر لأهل الجنة في الجنة كل وقت من عظمة ربهم ، وجلاله ، وجماله ، وسعة كماله ، ما يوجب لهم كمال الحمد ، والثناء عليه .

{ وَهُوَ الْحَكِيمُ } في ملكه وتدبيره ، الحكيم في أمره ونهيه . { الْخَبِيرُ } المطلع على سرائر الأمور وخفاياها ولهذا فصل علمه بقوله : { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وهي خمسون وخمس آيات

{ الحمد لله } على جهة التعظيم { الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة } لأن أهل الجنة يحمدونه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الجميع ، إلا آية واحدة اختلف فيها ، وهي قوله تعالى : " ويرى الذين أوتوا العلم " الآية . فقالت فرقة : هي مكية ، والمراد المؤمنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . قاله ابن عباس . وقالت فرقة : هي مدنية ، والمراد بالمؤمنين من أسلم بالمدينة . كعبد الله بن سلام وغيره . قاله مقاتل . وقال قتادة : هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنون به كائنا من كان . وهي أربع وخمسون آية .

قوله تعالى : " الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " " الذي " في موضع خفض على النعت أو البدل . ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، وأن يكون في موضع نصب بمعنى أعني . وحكى سيبويه " الحمد لله أهل الحمد " بالرفع والنصب والخفض . والحمد الكامل والثناء الشامل كله لله ؛ إذ النعم كلها منه . وقد مضى الكلام فيه في أول الفاتحة{[12947]} . " وله الحمد في الآخرة " قيل : هو قوله تعالى : " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده " {[12948]} [ الزمر : 47 ] . وقيل : هو قوله " وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين " {[12949]} [ يونس : 10 ] فهو المحمود في

الآخرة كما أنه المحمود في الدنيا ، وهو المالك للآخرة كما أنه المالك للأولى . " وهو الحكيم " في فعله " الخبير " بأمر خلقه .


[12947]:راجع ج 1 ص 131.
[12948]:راجع ج 15 ص 284 فما بعد و ص 245.
[12949]:راجع ج 8 ص 313.