تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} (127)

يخبر تعالى أن نصره عباده المؤمنين لأحد أمرين : إما أن يقطع طرفا من الذين كفروا ، أي : جانبا منهم وركنا من أركانهم ، إما بقتل ، أو أسر ، أو استيلاء على بلد ، أو غنيمة مال ، فيقوى بذلك المؤمنون ويذل الكافرون ، وذلك لأن مقاومتهم ومحاربتهم للإسلام تتألف من أشخاصهم وسلاحهم وأموالهم وأرضهم فبهذه الأمور تحصل منهم المقاومة والمقاتلة فقطع شيء من ذلك ذهاب لبعض قوتهم ، الأمر الثاني أن يريد الكفار بقوتهم وكثرتهم ، طمعا في المسلمين ، ويمنوا أنفسهم ذلك ، ويحرصوا عليه غاية الحرص ، ويبذلوا قواهم وأموالهم في ذلك ، فينصر الله المؤمنين عليهم ويردهم خائبين لم ينالوا مقصودهم ، بل يرجعون بخسارة وغم وحسرة ، وإذا تأملت الواقع رأيت نصر الله لعباده المؤمنين دائرا بين هذين الأمرين ، غير خارج عنهما إما نصر عليهم أو خذل لهم .