الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لِيَقۡطَعَ طَرَفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَوۡ يَكۡبِتَهُمۡ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ} (127)

{ لِيَقْطَعَ طَرَفاً } . نظم الآية : ولقد نصركم الله ببدر ليقطع طرفاً ، أي : ليهلك طائفة { مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } نظيره قوله :

{ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ } [ الأنعام : 45 ] أي : أهلك ، وفي الأنفال :

{ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } [ الآية : 7 ] ، وفي الحجر :

{ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ } [ الآية : 66 ] ، السديّ : معناه ليهدم ركناً من أركان الشرك بالقتل والأسر ، فقتل من سادتهم وقادتهم يوم بدر سبعين ، وأُسر منهم سبعين .

{ أَوْ يَكْبِتَهُمْ } بالخيبة { فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } لم ينالوا شيئاً ممّا كانوا يرجون من الظفر بكم . وقال الكلبي : { أَوْ يَكْبِتَهُمْ } : أو يهزمهم بأن يصرعهم لوجوههم . المؤرّخ : يخزيهم . النضر بن شميل : يغيظهم ، المبرّد : يظفر عليهم ، السديّ : يلعنهم ، أبو عبيدة : يهلكهم ، قالوا : وأهل النظر [ يرون ] التاء منقلبة عن الدال ، لأن الأصل فيه يكبدهم ، أي : يصيبهم في أكبادهم بالحزن والغيظ ، يقال : قد أحرق الحزن كبده ، وأحرقت العداوة كبده ، ويقول العرب للعدوّ : أسود الكبد ، قال الأعشى :

فما أجشمت من إتيان قوم *** هم الأعداء والأكبادسود

كأنّ الأكباد لمّا أحترقت بشدّة العداوة أسودّت ، والتاء والدال يتعاقبان ، كما يقال : هرت الثوب وهرده ، إذا خرقه ، يدل على صحة هذا التأويل قراءة لاحق بن حميد : أو يكبدهم ، بالدّال .