بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ} (39)

{ وَمَا آتَيْتُمْ مّن رِباً } يعني : ما أعطيتم من عطية { لّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ الناس } يعني : ليزدادوا في أموال الناس . ومعناه : ما أعطيتم من عطية لتلتمسوا بها الزيادة { فَلاَ يَرْبُواْ عَندَ الله } أي : فلا تضاعف تلك العطية عند الله عز وجل ، ولا يأثم فيه . وروى معمر عن قتادة عن ابن عباس قال : " هي هبة يريد أن يثاب أفضل منها " . فذلك الذي لا يربو عند الله ، ولا يؤجر فيه صاحبه ، ولا إثم عليه . { وَمَا آتَيْتُمْ مّن زكاة } قال : هي الصدقة { تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فَأُوْلَئِكَ هُمُ المضعفون } وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله . وقال عكرمة : الربا ربوان : ربا حلال ، وربا حرام . فأما الحلال فهو هبة الرجل يريد أن يثاب ما هو أفضل منها . وأما الحرام فزيادة خالية عن العوض في عقد المعاوضة . وهو نوعان : ربا الفضل ، وربا النساء . عرف ذلك في كتب الفقه . قرأ ابن كثير { وَمَا أتَيْتُمْ } بغير مد يعني : ما جئتم . وقرأ الباقون : بالمد يعني : ما أعطيتم . واتفقوا في الثاني أنه بالمد . وقرأ نافع { لتربوا } بالتاء والضم ، والباقون بالياء والنصب . فمن قرأ بالنصب . فمعناه : لتستزيدوا أنتم زيادة في المال . يعني : لتكثروا أموالكم بما أعطيتم . ومن قرأ : { ليربو } بالياء معناه : ليربو المعطي فيكثر حتى يرد ما هو أكثر منه .

ثم بيّن ما يربو فيه فقال : { وَمَا أتيتم من زكاة } يعني : ما أعطيتم من صدقة تريدون وجه الله يعني : رضا الله . ففيه الإضعاف . { فأولئك هم المضعفون } للواحد عشرة فصاعداً . ويقال : { المضعفون } أي : الواجدين من الضعف . كما يقال : أكذبته إذا وجدته كاذباً .