{ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } أي : تتكلمون بحججكم . الكافر مع المؤمن ، والظالم مع المظلوم . فإن قيل : قد قال في آية أخرى : { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد } [ ق : 28 ] قيل له : إن في يوم القيامة ساعات كثيرة ، وأحوالها مختلفة ، مرة يختصمون ، ومرة لا يختصمون . كما أنه قال : فهم لا يتساءلون ، وقال في آية أخرى : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ } [ الصافات : 27 ] يعني : في حال يتساءلون ، وفي حال لا يتساءلون ، وهذا كما قال في موضع آخر : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْألُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] وقال في آية أخرى : { فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الحجر : 92 ] وكما قال في آية أخرى : لا يتكلمون ، وفي آية أخرى أنهم يتكلمون ، ونحو هذا كثير في القرآن . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لاَ تَزَال الخُصومَة بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، حَتى تَتَخَاصَم الرُّوح والجَسَد ، فَيَقُول الجَسَد : إِنَّمَا كُنْتُ بِمَنْزِلَةِ جِذع مُلْقَى ، لاَ أَسْتَطِيع شَيْئاً . وَتَقُولُ الرُّوح : إِنَّمَا كُنْتُ رِيحاً ، لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعْمَلَ شَيْئاً . فَضُرِبَ لَهُما مَثَلُ الأعْمَى والمُقْعَد ، فَحَمَلَ الأَعْمَى المُقْعَد ، فَيَدُلَّهُ المُقْعَد بِبَصَرِهِ ، وَيَحْمِله الأعْمَى بِرجْلَيه » . وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أنس قال : سألت أبا العالية عن قوله : { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } ثم قال : { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } فكيف هذا ؟ قال : أما قوله : { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } فهو لأهل الشرك ، وأما قوله : { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } فهو لأهل القبلة ، يختصمون في مظالم ما بينهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.