فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ} (31)

{ ثُمَّ إِنَّكُمْ } أيها الناس جميعا مؤمنكم وكافركم { يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } فيما بينكم من المظالم ، قيل : يعني المحق والمبطل ، وقيل : تخاصمهم يا محمد وتحتج عليهم بأنك قد بلغتهم وأنذرتهم ، وهم يخاصمونك ، أو يخاصم المؤمن الكافر ، والظالم المظلوم ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( من كان عنده مظلمة لأخيه من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحملت عليه ) . رواه البخاري .

وعنه قال : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم ولا متاع له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطي هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار ) ، أخرجه مسلم . وعن ابن عمر قال : نزلت علينا هذه الآية وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة ، فقلنا هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه ، أخرجه ابن جرير وأخرج النسائي وغيره عنه قال : لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا ، وفي أهل الكتابين من قبلنا ، حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف ، فعرفت أنها نزلت فينا .

وعن الزبير بن العوام قال : لما نزلت : إنك ميت إلى قوله : تختصمون قلت : ( يا رسول الله أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : نعم ليكررن عليكم ذلك حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه ، قال الزبير : فوالله إن الأمر لشديد " ، أخرجه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .

وعن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية كنا نقول : ربنا واحد ، وديننا واحد ، ونبينا واحد ، فما هذه الخصومة ؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم هو هذا وعن إبراهيم لما نزلت هذه الآية قالوا : كيف نختصم ونحن إخوان ؟ فلما قتل عثمان قالوا هذه خصومتنا