الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ثُمَّ إِنَّكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ} (31)

{ ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } ، ( قال ابن عباس يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم ، والمهتدي الضال ){[58923]} .

وقال ابن زيد وابن جبير : يختصم أهل الإسلام وأهل الكفر{[58924]} .

وقال ابن عباس : بلغ من الخصومة يوم القيامة حتى إن الروح ليخاصم الجسد . فيقول الروح : رب ، هذا الذي عمل العمل فخلد{[58925]} عليه العذاب .

فيقول الجسد : رب ، وما كنت أنا ، به كنت أبسط ، وبه كنت أقبض ، وبه كنت أعمل ، وبه كنت أقوم وأقعد ، فخلد عليه العذاب .

فيقال لهما{[58926]} : أرأيتما لو أن أعمى وصحيحا دخلا حائطا مثمرا ، فقال البصير : لا أناله . فقال الأعمى : أنا أحملك على عنقي ( حتى تناله فتأخذ ){[58927]} : فحمله حتى أخذ من التمر ، فأكلا جميعا ، على من يكون العذاب ؟ فيقول{[58928]} : عليهما جميعا{[58929]} ! .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أول ما يُقضى فيه بين الناس يوم القيامة في الدماء " {[58930]} .

وقيل : هو اختصام أهل الإسلام فيما بينهم{[58931]} .

وروي عن ابن عمر أنه قال : نزلت هذه الآية ( وما ندري ما تفسيرها حتى وقعت الفتنة ، فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه{[58932]} . وقال النخعي{[58933]} : لما نزلت هذه الآية ){[58934]} قالوا ما خصومتنا بيننا ونحن إخوان ؟

قال : فلما قتل عثمان رضي الله عنه قالوا : هذه خصومتنا بيننا{[58935]} .

قال أبو العالية{[58936]} : هم أهل القبلة يختصمون يوم القيامة في مظالم بينهم{[58937]} .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآية " يختصمون في الدماء في الدماء " {[58938]} قاله مرتين{[58939]} .

وروي عن الزبير أنه قال : يا رسول الله ، أنختصم يوم القيامة بعدما كان بيننا ؟ قال : " نعم حتى يؤدي إلى{[58940]} كل ذي حق حقه " . قال الزبير{[58941]} : إن الأمر إذن لشديد{[58942]} .

وفي الحديث المسند : " أول ما تقع فيه الخصومات الدماء " {[58943]} .

وقوله : ( مثلا ) تمام عند أبي حاتم وغيره{[58944]} .

وليس ذلك بمختار لأن الممثل به لم يذكر بعد{[58945]} فهو متصل بما قبله .

وقيل : إن ( مثلا ) تقديره أن يكون مؤخرا بعد ( سلما لرجل ) ، أي : ضرب الله هذا مثلا وفي الكلام حذف ، والتقدير : ضرب الله مثلا لمن أشرك به غيره .

وقوله : { هل يستويان مثلا } : المثل في هذا بمعنى الصفة كما قال : { مثل الجنة }{[58946]} ، أي : صفة الجنة .


[58923]:(ح) (...الضال، والضعيف المستكبر) وانظر: جامع البيان 24/2، وجامع القرطبي 15/254، وتفسير ابن كثير 4/54.
[58924]:ورد هذا القول في جامع البيان 24/3 عن قتادة وابن زيد، وفي تفسير ابن كثير 4/54 عن ابن جبير.
[58925]:(ح): يخلد.
[58926]:ساقط من (ح).
[58927]:ساقط من (ح).
[58928]:(ح): فيقولون.
[58929]:انظر: المحرر الوجيز 14/83، وتفسير ابن كثير 4/54. وقد ورد في المحرر الوجيز مختصرا.
[58930]:أخرجه البخاري في الرقاق 81 باب 48 ح 6533 وفي الديات 87 باب 1 ح 6864، ومسلم في القسامة، باب ح 28 والترمذي في الديات، باب الحكم في الدماء، ح 1414 وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي في تحريم الدم باب 2 ح 3991 و 3992 و 3993 و 3994 و 3395، وابن ماجه في الديات باب 1 ح 2615. وقد ذكر النووي في شرحه لصحيح مسلم أن هذا الحديث ليس مخالفا (للحديث المشهور في السنن) (أول ما يحاسب به العبد صلاته)، لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى، وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد. والله أعلم بالصواب) 11/167.
[58931]:قاله أبو العالية وغيره. انظر: المحرر الوجيز 14/82.
[58932]:انظر: جامع البيان 24/2، وتفسير النسائي 231 ح 467 وجامع القرطبي 15/254، والمحرر الوجيز 14/82، وتفسير ابن كثير 4/54، ومجمع الزوائد 7/100، وقال فيه الهيثمي رجاله ثقات. وانظر: الدر المنثور 5/327.
[58933]:هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود أبو عمران النخعي الكوفي، فقيه مشهور، روى عن الأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس، وقرأ عليه طلحة بن مصرف، توفي سنة 96 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 6/270، وحلية الأولياء 4/219 ت 273، وصفة الصفوة 3/36 ت 412.
[58934]:ساقط من (ح).
[58935]:انظر: جامع البيان 24/3، وجامع القرطبي 15/254.
[58936]:هو رفيع بن مهران أبو العالية، تابعي مفسر، مقرئ، سمع ابن عمر وعائشة، وحدث عنه قتادة وأبو عمرو بن لعلاء. توفي سنة 90 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 7/112، وصفة الصفوة 3/211، وتذكرة الحفاظ 1/61 ت 50.
[58937]:انظر: جامع البيان 24/3، والمحرر الوجيز 14/82، وتفسير ابن كثير 4/45.
[58938]:(ع): الدنيا.
[58939]:أخرجه عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى مرفوعا. انظر: الدر المنثور 7/226.
[58940]:ساقط من (ح).
[58941]:(ع): ابن الزبير.
[58942]:أخرجه الترمذي في أبواب التفسير، باب: ومن سورة الزمر ج 12/117 عن عبد الله بن الزبير عن أبيه وذكر الحديث بمعناه، ثم قال: حديث حسن صحيح، وأخرجه الحميدي في مسنده 1/33 ح 60 وح 62 أيضا. وانظره في المحرر الوجيز 14/82، وجامع القرطبي 15/254، وتفسير ابن كثير 4/53. والدر المنثور 7/226.
[58943]:من تخريجه في الصفحة 6336.
[58944]:انظر: القطع والإئتناف 621، والمكتفى 489، والمقصد 74. وراجع تعريف الوقف التام في الصفحة: 6237.
[58945]:ساقط من (ح).
[58946]:الرعد آية 31.