بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (29)

{ ضَرَبَ الله مَثَلاً } أي : بيّن شبهاً { رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون } أي : عبداً بين موالي مختلفين يأمره ، هذا بأمر ، وينهاه هذا عنه . ويقال : { متشاكسون } أي : مختلفون ، يتنازعون ، { وَرَجُلاً سَلَماً لرَجُلٍ } أي : خالصاً لرجل لا شركة فيه لأحد . قرأ ابن كثير ، وأبو عمر ، { سَالِماً } بالألف ، وكسر اللام . والباقون { سلَماً } بغير ألف ، ونصب السين . فمن قرأ : سَالِماً فهو اسم الفاعل على معنى سلم ، فهو سالم . ومعناه : الخالص . ومن قرأ { سلماً } فهو مصدر . فكأنه أراد به رجلاً ذا سلم لرجل . ومعنى الآية : هل يستوي من عبد آلهة مختلفة ، كمن عبد رباً واحداً . وقال قتادة : الرجل الكافر ، والشركاء الشياطين ، والآلهة ، وَرَجُلاً سَلَماً . المؤمن يعمل لله تعالى وحده . وقال بعضهم : هذه المثل للراغب ، والزاهد . فالراغب شغلته أمور مختلفة ، فلا يتفرغ لعبادة ربه . فإذا كان في العبادة ، فقلبه مشغول بها ، والزاهد قد يتفرغ عن جميع أشغال الدنيا ، فهو يعبد ربه خوفاً وطمعاً ، { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً } يعني : عنده في المنزلة يوم القيامة .

{ الحمد للَّهِ } قال مقاتل : { الحمد للَّهِ } حين خصهم . ويقال : { الحمد للَّهِ } على تفضيل من اختاره ، على من اشتغل بما دونه . ويقال : يعني : قولوا الحمد لله ، { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أَنَّ عبادة رب واحد ، خير من عبادة أرباب شتى . ويقال : { لاَّ يَعْلَمُونَ } أنهما لا يستويان . ويقال : { لاَّ يَعْلَمُونَ } توحيد ربهم .