بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ يُكَوِّرُ ٱلَّيۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّيۡلِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمًّىۗ أَلَا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّـٰرُ} (5)

ثم بيّن ما يدل على توحيده ، ويعجز عنه المخلوقون . قوله عز وجل : { خَلقَ السماوات والأرض بالحق } يعني : للحق ، ولم يخلقهما باطلاً لغير شيء { يُكَوّرُ الليل عَلَى النهار } قال مجاهد : يعني : يدهور الليل على النهار { وَيُكَوّرُ النهار عَلَى الليل } يعني : يدور النهار على الليل . وقال مقاتل { يُكَوّرُ } يعني : يسلط عليه ، وهو انتقاص كل واحد منهما من صاحبه .

وقال الكلبي : { يُكَوّرُ } يعني : يزيد من النهار في الليل ، فيكون اللَّيل أطول من النهار ، ويزيد من الليل في النهار ، فيكون النهار أطول من الليل . هذا يأخذ من هذا ، وهذا يأخذ من هذا . وقال القتبي { يُكَوّرُ } يعني : يدخل هذا على هذا . وأصل التكوير اللف ، والجمع ، ومنه كور العمامة ومنه قوله : { إِذَا الشمس كُوِّرَتْ } [ التكوير : 1 ] وقال : { وَسَخَّرَ الشمس والقمر } يعني : ذلل ضوء الشمس ، والقمر ، للخلق { كُلٌّ يَجْرِى لأجلٍ مُّسَمًّى } يعني : إلى أقصى منازله . ويقال : إلى يوم القيامة . { إِلاَّ هُوَ العزيز } يعني : { العزيز } بالنقمة لمن لم يتب { الغفار } لمن تاب . ويقال : { العزيز } في ملكه . { الغفار } لخلقه بتأخير العذاب .