قوله تعالى : { خلق السماوات والأرض بالحق } يحتمل قوله : { بالحق } أي بالحق الذي لله عليهم ، ولما لبعض على بعض من الحق .
ويحتمل أن يكون قوله : { بالحق } أي للحق ، وهو البعث ، ما لو لم يكن البعث لكان خلقهما عبثا باطلا على ما ذكر في آية أخرى : { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا } [ ص : 27 ] وقال في آية أخرى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون } [ المؤمنون : 115 ] .
وجائز أن يكون قوله عز وجل : { خلق السماوات والأرض بالحق } أي بالحكمة ، وهو أن جعل في خلقه كل شيء أثر وحدانيته وألوهيته ما يعرف كل أنه فعله ، وإن لم يشاهد خلقه ، وقوله على ما يكون ذلك في فعل أحد من الخلائق إثر معرفة فاعله ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } كما ذكر في آية أخرى : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليلْ } [ الحج : 61 ] يذكر دلالة وحدانيته حيث جعل منافع الليل متصلة بمنافع النهار ، ومنافع النهار متصلة بمنافع الليل على اختلافهما وتناقضهما وتضادهما ليعلم أنهما فعل واحد . وكذلك كا جعل منافع السماء متصلة بمنافع الأرض على بعد ما بينهما ليعلم أن منشئهما واحد ، إذ لو كان عددا لامتنع ذلك ؛ إذ المعروف من عادة الملوك انفراد كل بملكه وسلطانه والاستعلاء على ما استولى ، وقبض برأس الآخر ، ونفاذ أمره في سلطانه . فإن لم يمتنع ذلك دل أنه فعل واحد .
وكذلك ما ذكر من تسخير الشمس والقمر لهم ولمنافعهم وجريتهما في يوم واحد مسيرة ألف عام ، أو ما ذكر من غير أن يعرف أحد سيرهما أنهما يسيران وقت سيرهما ألا بعد قطعهما ذلك أن لهما منشئا وأنه واحد .
ودل اتساقهما وجريانهما على سير واحد منذ كانا إلى آخر ما يكونان ، ويدوران على أن منشئهما واحد ، عالم ، مدبر ، عرف حاجة الخلق إليهما إلى أبد الآبدين ، ومنافعهم بذلك .
وقوله تعالى : { كل يجري لأجل مسمى } أي كل مما ذكر يجري إلى الوقت الذي جعل له ، لا يتقدم ، ولا يتأخر ، ولا ينقطع ما كان بالخلق حاجة ، والله أعلم .
ويحتمل : { كل يجري لأجل مسمى } يجري إلى منازل معلومة ، لا يجاوزها .
وقوله تعالى : { ألا هو العزيز الغفار } هو العزيز بذاته ، لا يتعزز بما ذكروا له من الأولاد ، ولا بطاعة من أطاعه . { الغفار } لمن كان أهلا للمغفرة ، ولا تخرج مغفرته إياه عن الحكمة ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل } قال بعضهم : أي يدخل أحدهما على الآخر كقوله : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليلْ } [ الحج : 61 ] وقال بعضهم : { يكور الليل على النهار } أي يغشي أحدهما بالآخر كقوله : { يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثا } [ الأعراف : 54 ] وقال بعضهم : يكور أي يلف هذا بهذا ، وهو من كور العمامة ، ومنه قوله : { إذا الشمس كورت } [ التكوير : 1 ] أي جمعت ، ولفت . وأصل التكوير اللف والجمع ، وهو قول أبي عوسجة والقتبي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.