بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

قوله عز وجل : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ } يعني : يوم الحديبية تحت الشجرة ، وهي بيعة الرضوان ، قال الكلبي : بايعوا تحت الشجرة ، وهي شجرة السَّمرة ، وهم يومئذٍ ألف وخمسمائة وأربعون رجلاً . وروى هشام عن محمد بن الحسن قال : كانت الشجرة أم غيلان . { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } يعني : كأنهم يبايعون الله ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بايعهم بأمر الله تعالى . ويقال : { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } أي : لأجله ، وطلب رضاه .

ثم قال : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يعني : يد الله بالنصرة ، والغلبة ، والمغفرة ، { فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } بالطاعة . وقال الزجاج : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحتمل ثلاثة أوجه . أحدها { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } بالوفاء ، ويحتمل { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } بالثواب ، فهذان وجهان جاءا في التفسير ، ويحتمل أيضاً { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } في المِنَّة عليهم ، وفي الهداية فوق أيديهم في الطاعة .

{ فَمَن نَّكَثَ } يعني : نقض العهد ، والبيعة { فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ } يعني : عقوبته على نفسه . { وَمَنْ أوفى بِمَا عاهد عَلَيْهِ الله } قرأ حفص : برفع الهاء . أي : وفى بما عاهد عليه من البيعة ، فيتم ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني : أوفى بما عاهد الله عليه من البيعة ، والتمام في ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } في الجنة . قرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر : { فَسَنُؤْتِيهِ } بالنون . والباقون : بالياء . وكلاهما يرجع إلى معنى واحد . يعني : سيؤتيه الله ثواباً عظيماً .