بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُل لِّمَن مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ قُل لِّلَّهِۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَۚ لَيَجۡمَعَنَّكُمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (12)

فقال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : إن فعلت هذا الفعل لطلب المال ، فاترك هذا الفعل . إنا نجمع لك مالاً تصير به أغنى أهل مكة . فنزل قوله تعالى : { قُل لّمَن مَّا في السماوات والأرض } فإن أجابوك وإلا ف { قُل لِلَّهِ } يعني : ما في السموات وما في الأرض يعطي منها من يشاء .

ثم قال : { كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة } فلا يعذبكم في الدنيا . وروى عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا وَاحِدَةً فَقَسَمَها بَيْنَ الخَلائِقِ فِبِها يَتَرَاحَمُونَ ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوُحُوشُ عَلَى أوْلادِها ، وَادَّخَرَ لِنَفْسِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ويقال : { كتب على نفسه الرحمة } حيث أمهلهم ، ولم يهلكهم ليرجعوا ويتوبوا .

ثم قال : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة } يعني : ليجمعنكم يوم القيامة . وهذا كما يقال : جمعت هؤلاء إلى هؤلاء أي ضممت بينهم في الجمع { لاَ رَيْبَ فِيهِ } يعني : في البعث أنه كائن .

ثم نعتهم فقال : { الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } قال بعضهم : هذا ابتداء وخبره { لاَ يُؤْمِنُونَ } . وقال بعضهم : هذا بدل من قوله : { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } .