بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ أَلۡقُواْۖ فَلَمَّآ أَلۡقَوۡاْ سَحَرُوٓاْ أَعۡيُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَآءُو بِسِحۡرٍ عَظِيمٖ} (116)

{ قَالَ } لهم موسى { أَلْقَوْاْ فَلَمَّا أَلْقُوْاْ } يعني : السحرة ألقوا الحبال والعصي { سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس } أي أخذوا أعينهم بالسحر { واسترهبوهم } يعني : طلبوا رهبتهم حتى رهبهم الناس . قال الكلبي : كانت السحرة سبعين فألقوا سبعين عصا وسبعين حبلاً . وقال بعضهم : كانوا اثنين وسبعين حبلاً . وروى أسباط عن السدي قال : قال ابن عباس كانوا بضعاً وثلاثين ألفاً . وقال محمد بن إسحاق : كانوا ألف رجل وخمسمائة رجل ومع كل واحد منهم عصا : وقد كانوا خاطوا الحبال وجعلوها مموهة بالرصاص وحشوها بالزئبق حتى إذا ألقوها تحركت كأنها حيات ، لأن الزئبق لا يستقر في مكان واحد ، فلما طلعت عليه الشمس صارت شبيهاً بالحيات فنظر موسى فإذا الوادي قد امتلأ بالحيات ، فدخل فيه الخوف ، ونظر الناس إلى ذلك فخافوا من كثرة الحيات . فذلك قوله : { واسترهبوهم } يعني : أفزعوهم وأخافوهم { وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } يعني : بسحر تام . ويقال : { وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } يعني : بقول عظيم حيث قالوا { فَأَلْقَوْاْ حبالهم وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون } [ الشعراء : 44 ] ويقال : { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } حيث قالوا : بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون .