بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (66)

{ الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ } ؛ يعني هوَّن الله عليكم القتال الذي افترضه عليكم يوم بدر . { وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً } ؛ يعني عجزاً عن القتال . { فَإِن يَكُن مّنكُمْ مّاْئَةٌ صَابِرَةٌ } ، يعني محتسبة صادقة ، { يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ } من المشركين . { وَإِن يَكُن مّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ } من المشركين { بِإِذُنِ الله } ، يعني بأمر الله تعالى وبنصرته . { والله مَعَ الصابرين } بالنصر لهم على عدوهم .

وقال مقاتل لم يكن فريضة ، ولكن كان تحريضاً ، فلم يطق المؤمنين ، فخفف الله عنهم بعد قتال بدر فنزل : { الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ } وروى عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : فرض على المسلمين أن لا يفر رجل من عشرة ، ولا عشرة من مائة ، فجهد الناس وشقّ عليهم ، فنزلت هذه الآية الأُخْرَى : { الآن خَفَّفَ الله عَنكُمْ } ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ، ولا قوم من مثلهم ؛ فنقص من النصرة بقدر ما نقص من العدد . وروى عطاء ، عن ابن عباس قال : من فرّ من رجلين فقد فرّ ، ومن فرّ من ثلاثة لم يفر . قال الفقيه : إذا لم يكن معه سلاح ومع الآخر سلاح ، جاز له أن يفر ، لأنه ليس بمقاتل .