فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (66)

ثم لما شق ذلك عليهم واستعظموه خفف عنهم ورخص لهم لما علمه سبحانه من وجود الضعف فيهم فقال : { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا } عن قتال عشرة أمثالكم ، قرئ بضم الضاد وفتحها { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } منهم { وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين } فأوجب على الواحد أن يثبت لأثنين من الكفار .

قال سفيان وابن شبرمة : وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا إن كانا رجلين أمرهما وإن كانوا ثلاثة فهو في سعة من تركهم ، وقد قيل في نكتة التنصيص على غلب المائة للمائتين والألف للألفين أنه بشارة للمسلمين بأن عساكر الإسلام سيجاوز عددها العشرات والمئات إلى الألوف .

ثم أخبرهم بأن هذا الغلب هو { بإذن الله } وتسهيله وتيسيره وإرادته لا بقوتهم وجلادتهم ، ثم بشرهم بأنه مع الصابرين فقال : { والله مع الصابرين } بعونه ، وفيه الترغيب إلى الصبر والتأكيد عليهم بلزومه والتوصية به وأنه من أعظم أسباب النجاح والفلاح والنصر والظفر لأن من كان الله معه لم يستقم لأحد أن يغلبه .

وعن النصر باذى : أن هذا التخفيف كان للأمة دون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي يقول بك أصول وبك أجول ، ومن كان كذا لا يثقل عليه شيء حتى يخفف ، وقد اختلف أهل العلم هل هذا التخفيف نسخ أم لا ولا يتعلق بذلك كثير فائدة .