وقوله تعالى : ( الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ) [ فيه وجهان :
أحدهما : إن ][ في الأصل وم : فان ] قيل : ما معنى قوله ( وعلم أن فيكم ضعفا ) وقد كان يعلم أن فيهم ضعفا[ في الأصل وم : ضعف ] وقت ما أمر العشرة القيام لمئة والعشرين لمئتين ؟ قيل : أمر بذلك مع علمه أن فيهم ضعفا ، وإن كان في ذلك إهلاك أنفسهم ، وذلك منه عدل ، إ ذ له الأنفس ، إن شاء أتلفها بالموت ، وإن شاء بالقتل بقتل العدو .
والتخفيف منه رحمة وفضل ؛ أمر الواحد القيام لعشرة على علم منه بالضعف ابتداء الامتحان منه ، وله أن يمتحن عباده بما فيه وسعهم وبما لا وسع لهم فيه . وفي الحكمة ذلك ، إذ له الأنفس ، له أن يتلفها كيف شاء بما شاء ؛ وهو ما ذكر قوله : ( ولو أن كتبنا عليهم )[ النساء : 66 ] ولو لم يكن له في الحكمة ذلك لا يحتمل أن يكتب ذلك عليهم .
والثاني : يعلم فيهم الضعف ، كائنا شاهدا كما علم أنه يكون ؛ وهو ما ذكرنا في قوله ( حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين )[ محمد : 31 ] أي يعلم المجاهد كما علم أنه يجاهد فعلى هذا .
ثم ذكر العشرة والعشرين يحمل على التحديد ، ويحتمل لا على التحديد . ألا ترى أنه ذكر في الناسخ عددا غير العدد الذي في المنسوخ ؛ لأن في المنسوخ ذكر العشرين لمئتين ، وفي الناسخ ذكر الألف لا لغير بقوله : ( وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله ) ؟
فإن كان لا على التحديد فيلزم لواحد القيام لاثنين ، وفي الأول الواحد لعشرة .
وعلى ذلك روي عن عمر رضي الله عنه ، [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : إذا لقي الرجل رجلين من الكفار ، فاستأثر ، فلا فداء له علينا ، فإذا لقي ثلاثة فأكثر فعلينا فداؤه ، ولم يجعل للواحد الفرار من اثنين حين[ في الأصل وم : حيث ] جعل عليه الفداء .
وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنه ، أنه قال ذلك .
ويحتمل /204-ب/ على التحديد ، إذا كمل العدد لم يسمح بالفرار ، ويلزمهم القيام لهم . وإذا كانوا دون ذلك لم يلزم .
وكذلك قال الحسن : أمر أن يصبر عشرون لمئتين ، إن فروا منهم لم يعذروا ، وأن يصبر الألف لألفين ، إن فروا منهم لم يعذروا ، قال : ثم أنزل الله ( الآن خفف الله عنكم وعلم إن فيكم ضعفا ) فأمر أن يصبر منه لمئتين ، وإن فروا منهم لم يعذروا ، وأن يصبر الألف للألفين ؛ إن فروا منهم لم يعذروا . فإن كان على التحديد فهو ما يقولون : إنهم لم يكونوا منعة ، فإنه يسعهم ألا يقاتلوا .
وقوله تعالى : ( فإن يكن منكم مائة صابرة ) قال بعضهم : الصبر هو حبس النفس على ما أمر الله ، وكفها عن جميع شهواتها ولذاتها . فإذا فعل ذلك غلب على العدو ، وقهره .
وقال بعضهم : الصبر هو أن يوطن نفسه في القتال مع العدو ، ويحبسها في ذلك والشكر قيل : هو أن يبذل نفسه وما يحويه لله ، لا يجعل لغيره ، فيكون الشكر والصبر في الحاصل سواء ، وإن كانا في العبارة مختلفين لأن الشكر هو بذل النفس وما حوته يده لله ، والصبر هو الكف والاحتباس على جميع ما أمر الله وأداء ما فرض عليه فإذا حبسها عن غيره يكون باذلا ، ولهذا سمي الصبر إيمانا بقوله ( إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات )[ الانشقاق : 25و . . ] .
وقوله تعالى : ( والله مع الصابرين ) في النصر لهم على عدوهم والغلبة عليهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.