السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (66)

قال عطاء عن ابن عباس : لما نزل التكليف بهذه الآية صاح المهاجرون وقالوا : يا رب نحن جياع وعدوّنا شباع ، ونحن في غربة وعدوّنا في أهليهم ونحن قد أخرجنا من ديارنا وأموالنا ، وعدوّنا ليس كذلك فنسخها الله تعالى بقوله تعالى :

{ الآن خفف الله عنكم } أيها المؤمنون { وعلم أن فيكم ضعفاً } أي : في قتال الواحد للعشرة { فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين } منهم { وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين } منهم { بإذن الله } أي : بإرادته تعالى ، فردّوا من العشرة إلى اثنين ، فإذا كان المسلمون على قدر النصف من عدوّهم لا يجوز أن يفروا ، وقال عكرمة : إنما أمر الرجل أن يصبر لعشرة والعشرة لمائة حال ما كان المسلمون قليلين ، فلما كثروا خفف الله تعالى عنهم ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أيما رجل فر من ثلاثة فلم يفر ، فإن فر من اثنين فقد فر { والله مع الصابرين } بالنصر والمعونة فكيف لا يغلبون ، قال سفيان بن شبرمة : وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل ذلك ونزل لما أخذوا الفداء من أسرى بدر .