بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٞۚ قُلۡ أُذُنُ خَيۡرٖ لَّكُمۡ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِينَ وَرَحۡمَةٞ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِينَ يُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (61)

قوله تعالى :

{ وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبى } قال ابن عباس : نزلت في جماعة من المنافقين منهم الجلاس بن سويد ومحشر بن خويلد وأبو ياسر بن قيس ؛ وذلك أنهم كانوا ينالون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رجل منهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه الخبر . فقال الجلاس : نقول ما نشاء ، فإنما { هُوَ أُذُنٌ } سامعة ثم نأتيه فيصدقنا ، والأذن الذي يقبل كل ما قيل له . قال تعالى { قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } ، يعني : إن كان الأمر كما تذكرون فهو خير لكم ، ولكنه { يُؤْمِنُ بالله وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ، يعني : يصدق الله ويصدق المؤمنين لا أنتم ؛ والباء واللام زائدتان ، يعني : ويصدق محمد المؤمنين فذلك قوله تعالى : { وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبى } يعني : من المنافقين من يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، { وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } ؛ يعني : سامع لمن حدثه .

{ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } . قرأ العامة قل : { قل أَذِنَ } بغير تنوين { خَيْرٌ لَّكُمْ } بالكسر ؛ وقرأ بعضهم : { قُلْ أُذُنُ } بالتنوين { خَيْرٌ } بالتنوين والضم . فمن قرأ أذُنٌ بالتنوين ، فمعناه إن كان محمد كما قلتم أذنٌ فهو خيرٌ لكم أي صلاح لكم ، ومن قرأ بالكسر أذُنُ خَيْرٍ فهو على معنى الإضافة ، أي أذن خير وأذن نعمة . وقرأ نافع : { قُلْ أُذُنُ } بجزم الذال والباقون بالضم وهما لغتان .

{ يُؤْمِنُ بالله } ، يعني : يصدق بالله تعالى في مقالته ، { وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } ؛ يعني : يصدق قول المؤمنين ، { وَرَحْمَةً } ؛ يعني : هو نعمة { لّلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ } ، أي هو نعمة الذين آمنوا في السر والعلانية . قرأ حمزة { وَرَحْمَةً للذين } على معنى الإضافة ، يعني : أذن رحمة ، وقرأ الباقون { وَرَحْمَةً } بالضم على معنى الاستئناف .

ثم قال : { والذين يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، يعني وجيع .