بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

ثم قال عز وجل : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } ؛ وذلك أن رسول الله عليه السلام حين رجع من تبوك ، وبين يديه هؤلاء الثلاثة يسيرون ويقولون : إن محمداً يقول إنّه نزل في إخواننا الذين تخلفوا بالمدينة كذا وكذا ، وهم يضحكون ويستهزئون ، فأتاه جبريل فأخبره بذلك ، فبعث إليهم النبي عليه السلام عمار بن ياسر وقال له : « اذْهَبْ إلَى أُوْلَئِكَ وَاسْأَلْهُمْ عَمَّاذَا يَتَحَدَّثُونَ وَيَضْحَكُونَ » وأخبره أنهم يستهزئون بالقرآن ، وأنه إذا أتاهم وسألهم يقولون : إنّما كنا نخوض ونلعب . فلما جاء إليهم عمار بن ياسر قال لهم : ما كنتم تقولون ؟ قالوا : إنما كنا نخوض ونلعب فيما يخوض فيه الركب إذا ساروا ، ونضحك بيننا . فقال عمار : صدق الله ، وبلغ رسوله ؛ هكذا أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم تقولون ذلك . غضب الله عليكم هلكتم ، فعرفوا عند ذلك أنه نزل فيهم شيء فجاؤوا واعتذروا .

فنزل : { قُلْ أبالله } ، يعني : قل لهم يا محمد : { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } القرآن ، { أبالله وآياته وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تستهزئون } . وقال قتادة : إذا رأيا العبد ، يقول الله انظروا إلى عبدي يستهزىء { قُلْ أبالله وءاياته وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تستهزئون } فجاؤوا إلى النبي واعتذروا ، فنزل قوله تعالى : { تَسْتَهْزِءونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمانكم }