فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ} (12)

ثم سلى الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم فقال { فلعلك } لعظم ما تراه منهم من الكفر والتكذيب واقتراح الآيات التي يقترحونها عليك على حسب هواهم وتعنتهم { تارك بعض ما يوحى إليك } مما أنزله الله عليك وأمرك بتبليغه مما يشق عليهم سماعه أو يستشقون العمل به كسب آلهتهم ، وأمرهم بالإيمان بالله وحده . وقيل هذا الكلام خارج مخرج الاستفهام أي هل أنت تارك وقيل هو في معنى النفي مع الاستبعاد أي لا يكون منك ذلك بل تبلغهم جميع ما أنزل الله عليك أحبوا ذلك أم كرهوا شاءوا أم أبوا .

{ وضائق به صدرك } الضمير راجع إلى { ما } أو إلى بعض وعبر بضائق دون ضيق لأن اسم الفاعل فيه معنى الحدوث والعروض والصفة المشبهة فيها معنى اللزوم { أن يقولوا } أي كراهة أو مخافة ، أو لأجل أن بأن لا . وقال أبو البقاء : لن يقولوا { لولا } أي هلا { أنزل عليك كنز } أي مال مكنوز مخزون ينتفع ويستغني به { أو جاء معه ملك } يصدقه ويبين لنا صحة رسالته .

ثم بين سبحانه أن حاله صلى الله عليه وسلم مقصور على النذارة فقال { إنما أنت نذير } أي ليس عليك إلا الإنذار بما أوحي إليك ، وليس عليك حصول مطلوبهم وإيجاد مقترحاتهم { والله على كل شيء وكيل } يحفظ ما يقولون وهو فاعل بهم ما يجب أن يفعل .