فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفّٗا لَّقَدۡ جِئۡتُمُونَا كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةِۭۚ بَلۡ زَعَمۡتُمۡ أَلَّن نَّجۡعَلَ لَكُم مَّوۡعِدٗا} (48)

{ وعرضوا على ربك صفا } أي مصفوفين كل أمة وزمرة صف ، وقيل عرضوا صفا واحدا كما في قوله { ثم ائتوا صفا } أي جميعا وهو أبلغ في القدرة ؛ وقيل قياما وفي الآية تشبيه حالهم بحال الجيش الذي يعرض على السلطان ليقضي بينهم لا ليعرفهم قاله الكرخي .

وخرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمان بن منده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تبارك وتعالى ينادي بصوت رفيع غير فظيع : يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين ، يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ، أحضروا حجتكم ويسروا جوابكم فإنكم مسئولون محاسبون ، يا ملائكتي أقيموا عبادي على أطراف أنامل أقدامهم للحساب ) .

قال القرطبي : هذا حديث غاية في البيان في تفسير الآية ولم يذكره كثير من المفسرين ، وقد كتبناه في كتاب التذكرة . اه .

ويقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ أو قلنا لهم { لقد جئتمونا كما خلقناكم } أي مجيئا كمجيئكم عند أن خلقناكم { أول مرة } أو كائنين كما خلقناكم أول مرة ، أي حفاة عراة غرلا لا مال ولا ولد ، كما ورد ذلك في الحديث . قال الزجاج : أي بعثناكم وأعدناكم كما خلقناكم ، لأن قوله { لقد جئتمونا } معناه بعثناكم وبه قال الزمخشري .

{ بل زعمتم } هذا ضرب وانتقال من كلام إلى كلام للتقريع والتوبيخ ، وهو خطاب لمنكري البعث ، أي زعمتم في الدنيا { أن لن نجعل لكم موعدا } نجازيكم بأعمالكم وننجز ما وعدناكم به من البعث والعذاب .