فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَوۡمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ فَلَمۡ يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُم مَّوۡبِقٗا} (52)

{ و } اذكر { يوم يقول } الله عز وجل للكفار توبيخا لهم وتقريعا { نادوا شركائي الذين زعمتم } أنهم ينفعونكم ويشفعون لكم ، وأضافهم سبحانه إلى نفسه جريا على ما يعتقده المشركون تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا { فدعوهم } أي فعلوا ما أمرهم الله به من دعاء الشركاء واستغاثوا بهم والمعنى على الاستقبال كما هو ظاهر { فلم يستجيبوا لهم } ذلك ولم ينصروهم أي لم يقع منهم مجرد الاستجابة لهم فضلا عن أن ينفعوهم أو يدفعوا عنهم .

{ وجعلنا بينهم } أي بين هؤلاء المشركين وبين من جعلوهم شركاء لله أو بين المؤمنين والكفار { موبقا } ذكر جماعة من المفسرين أنه اسم واد عميق في جهنم فرق الله به بينهم ؛ وبه قال أنس وزاد : من قيح ودم .

وقال ابن عمر : فرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلالة ، وقيل : هو نهر تسيل منه نار وعلى حافتيه حيات مثل البغال الدهم ، وقيل : الموبق البرزخ البعيد لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان ، وعلى هذا فهو اسم مكان .

قال ابن الأعرابي : كل حاجز بين الشيئين فهو موبق ، وقال الفراء : الموبق المهلك ، وبه قال ابن مجاهد وابن عباس ، والمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا لهم في الآخرة يقال وبق يوبق فهو وبق هكذا ذكره الفراء في المصادر ، وحكا الكسائي وبق يبق وبوقا فهو وابق ، والمراد بالمهلك على هذا هو عذاب النار يشتركون فيه ، والأول أولى لأن من جملة من زعموا أنهم شركاء لله الملائكة وعزير والمسيح فالموبق هو المكان الحائل بينهم ، وقال أبو عبيدة : الموبق هنا الموعد للهلاك ، وقد ثبت في اللغة أوبقهم بمعنى أهلكهم ولكن المناسب لمعنى الآية هو المعنى الأول .