فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ مَآ أَخۡلَفۡنَا مَوۡعِدَكَ بِمَلۡكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ فَقَذَفۡنَٰهَا فَكَذَٰلِكَ أَلۡقَى ٱلسَّامِرِيُّ} (87)

فأجابوه و { قالوا ما أخلفنا موعدك } الذي وعدناك { بملكنا } بفتح الميم وقرئ بكسرها ؛ واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم لأنها على اللغة العالية الفصيحة ، وهو مصدر ملكت الشيء أملكه ملكا ، والمصدر مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف ، أي بملكنا أمورنا ، أو بملكنا الصواب ، بل أخطأنا ولم نملك أنفسنا ، وكنا مضطرين إلى الخطأ ، أي سول لنا السامري ما سول . وغلب على عقولنا .

قال ابن عباس : بملكنا أي بأمرنا . وقال قتادة ، بطاقتنا ، وعن السدي مثله ، وقيل باختيارنا ، وذلك أن المرء إذا وقع في الفتنة لم يملك نفسه ، وقرئ بملكنا بضم الميم . والمعنى بسلطاننا ، قاله الحسن ، أي لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك وقيل : إن الفتح والكسر والضم كلها لغات سبعية في مصدر ملكت الشيء .

{ ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم } قرئ حملنا بضم الحاء وتشديد الميم وقرئ بفتح الحاء والميم مخففة ، واختارها أبو عبيد وأبو حاتم لأنهم حملوا حلية القوم معهم باختيارهم وما حملوها كرها ، فإنهم كانوا استعاروها منهم حين أرادوا الخروج مع موسى وأوهموهم أنهم يجتمعون في عيد لهم أو وليمة .

وقيل هو مأخوذ من آل فرعون لما قذفهم البحر إلى الساحل .

وسميت أوزارا أي آثاما لأنه لا يحل لهم أخذها ولا تحل لهم الغنائم في شريعتهم ، والأوزار في الأصل الأثقال كما صرح به أهل اللغة ، والمراد بالزينة هنا الحلي { فقذفناها } أي طرحناها في النار طلبا للخلاص من إثمها ، وقيل المعنى طرحناها إلى السامري لتبقى لديه حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه .

{ فكذلك ألقى السامري } أي فمثل ذلك القذف ألقاها السامري ، قيل إنه قال لهم حين استبطأ القوم رجوع موسى . إنما احتبس عنكم لأجل ما عندكم من الحلي فجمعوه فدفعوه إليه فرمى به في النار وصاغ لهم منهم عجلا ، ثم ألقى عليه قبضة من أثر الرسول ، وهو جبريل .