ثم حكى سبحانه عن هؤلاء ما كانوا عليه من التكذيب والاستهزاء فقال :
{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } أي يطلبون عجلتك { بالْعَذَابِ } لأنهم كانوا منكرين لمجيئه أشد إنكار ، فاستعجالهم له هو على طريقة الاستهزاء والسخرية ، وكأنهم كانوا يقولون ذلك عند سماعهم لما يقوله الأنبياء عن الله سبحانه من الوعد منه عز وجل بوقوعه عليهم وحلوله بهم ، ولهذا قال :
{ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ } قال الفراء : في هذه الآية وعيد لهم بالعذاب في الدنيا والآخرة . وذكر الزجاج وجها آخر فقال : اعلم أن الله لا يفوته شيء ، وأن يوما عنده وألف سنة في قدرته واحد ، ولا فرق بين وقوع ما يستعجلون به من العذاب وتأخره في القدرة ، إلا أن اله تفضل بالإمهال انتهى .
والمعنى والحال أنه لا يخلف وعدا أبدا ، وقد سبق الوعد فلا بد من مجيئه حتما أو الجملة اعتراضية مبينة لما قبلها . قال المحلي : أنجزه يوم بدر ، أي أنزل العذاب بهم في الدنيا فقتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون .
{ وَإِنَّ يَوْمًا } من أيام عذابهم { عِندَ رَبِّكَ } في الآخرة { كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } أي من سني الدنيا ، والجملة مستأنفة مسوقة لبيان حالهم في الاستعجال وخطابهم في ذلك لبيان كمال حكمه لكون المدة القصيرة عنده كالمدة الطويلة عندهم كما في قوله : { إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا } . قال الفراء : هذا وعيد لهم بامتداد عذابهم في الآخرة أي يوم من أيام عذابهم في الآخرة في الثقل والاستطالة كألف سنة . وقيل المعنى وإن يوما من الخوف والشدة في الآخرة كألف سنة من سني الدنيا فيها خوف وشدة ، وكذلك يوم النعيم قياسا ، واقتصر في التشبيه على الألف لأن الألف منتهي العدد بلا تكرار .
وقرئ يعدون بالتحتية لقوله ويستعجلونك ، وبالفوقية على الخطاب ، واختار الأولى أبو عبيدة والثانية أبو حاتم .
وعن ابن عباس قال : عن يوما من الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض كألف سنة ، وعن عكرمة قال : هو يوم القيامة ، وعنه قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة ، وقد مضى منها ستة آلاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.