ثم أنكر الله سبحانه على أهل مكة عدم اعتبارهم بهذه الآثار قائلا :
{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ } حثا لهم على السفر ليروا مصارع تلك الأمم فيعتبروا ، ويحتمل أن يكونوا قد سافروا ولم يعتبروا ، فلهذا أنكر عليهم كما في قوله : { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون } ، وعلى هذا فالاستفهام ليس على حقيقته { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ } تفريع على المنفي فهو منفي أيضا .
{ يَعْقِلُونَ بِهَا } ما يجب أن يعقل من التوحيد ونحوه ، والعقل هنا بمعنى العلم ، والمعنى أنهم بسبب ما شاهدوا من العبر تكون لهم قلوب يعقلون بها ما يجب أن يتعقلوه ، وأسند التعقل إلى القلوب لأنها محل العقل كما أن الآذان محل السمع وقيل إن العقل محله الدماغ ، ولا مانع من ذلك فإن القلب هو الذي يبعث على إدراك العقل وإن كان محله خارجا عنه . وقد اختلف علماء العقول في محل العقل وماهيته اختلافا كثيرا لا حاجة إلى التطويل بذكره .
{ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } ما يجب أن يسمعوه مما تلاه عليهم أنبياؤهم من كلام الله ، وما نقله أهل الأخبار إليهم من أخبار الأمم المهلكة وما نزل بالمكذبين { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ } قال الفراء : الهاء عماد ، ويجوز أن يقال فإنه وهي قراءة ابن مسعود والمعنى واحد ، التذكير على الخبر والتأنيث على الأبصار ، أو القصة أي فإن الأبصار لا تعمى ، أو فإن القصة لا تعمي الأبصار ، أي أبصار العيون { وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } أي ليس الخلل في مشاعرهم ، وإنما أصابت الآفة عقولهم بإتباع الهوى والانهماك في التقليد ، أي لا تدرك عقولهم مواطن الحق ومواضع الاعتبار .
قال الفراء والزجاج : إن قوله التي في الصدور من التوكيد الذي تزيده العرب في الكلام ، كقوله عشرة كاملة ، ويقولون بأفواههم ويطير بجناحيه ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.