تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَيَسۡتَعۡجِلُونَكَ بِٱلۡعَذَابِ وَلَن يُخۡلِفَ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥۚ وَإِنَّ يَوۡمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلۡفِ سَنَةٖ مِّمَّا تَعُدُّونَ} (47)

الآية 47 : وقوله تعالى : { ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده }أي لن يخلف الله وعده الذي وعد في نزول العذاب ، أي ينزل بهم لا يتقدم ، ولا يتأخر عن ميعاده .

وقوله تعالى : { وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون } قال عامة أهل التأويل نحو ابن عباس والضحاك ومجاهد وغيرهم{[13157]} : إنها هي الأيام التي خلق الله فيها الدنيا ، وجعلها أجلا لها ؛ يعد كل يوم من تلك الأيام كألف سنة . إلى هذا صرف عامة أهل التأويل فلا نعلم لذلك{[13158]} وجها .

وقال بعضهم : { وإن يوما عند ربك } من عذابهم في الآخرة { كألف سنة مما تعدون }في الدنيا ؛ اليوم الواحد ألف سنة . ووجه هذا أن الوقت القصير القليل يجوز أن يصير مديدا طويلا لشدة العذاب والبلاء نحو ما قيل لهم : { كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم }( الكهف : 19 ) قصروا {[13159]} مقامهم في الدنيا لشدة ما عاينوا من العذاب . فعلى ذلك هذا ، والله أعلم .

وجائز أن يكون هذا لا للتوقيت والمدة ، إذا الآخرة ، مما لا غاية لانتهائه . وكل شيء لا غاية لانتهائه ، فذكر الوقت له{[13160]} يخرج مخرج التمثيل لا التوقيت كقوله { وجنة عرضها كعرض السماء والأرض }( الحديد 21 ) وقوله {[13161]} : { وجنة عرضها السموات والأرض }( آل عمران : 133 ) ليس على التحديد لها والتوقيت ، ولكن على ما خرج عن الأوهام ذكر ذلك ، ومثلها به . فعلى ذلك الأول ، والله أعلم .


[13157]:في الأصل وم: وهؤلاء.
[13158]:في الأصل و م: ذلك.
[13159]:في الأصل و م:قصر.
[13160]:في الأصل و م:لم.
[13161]:في الأصل وم: وقال.