فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ} (55)

{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من ربكم } يعني القرآن ، يقول : أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه والقرآن كله حسن . قال الحسن : التزموا طاعته ، واجتنبوا معاصيه . وقال السدي الأحسن ما أمر الله به في كتابه .

وقال ابن زيد : يعني المحكمات ، وكلوا علم المتشابه إلى عالمه . وقيل : الناسخ دون المنسوخ . وقيل العفو دون الانتقام بما يحق فيه الانتقام . وقيل أحسن ما أنزل إليكم من أخبار الأمم الماضية ، ومثله قوله تعالى :

{ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } وقيل القرآن أو المأمور به دون المنهي عنه أو العزائم دون الرخص ، ولعله ما هو أنجى وأسلم ، كالإنابة والمواظبة على الطاعة .

{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } أي من قبل أن يفاجئكم العذاب وأنتم غافلون عنه لا تشعرون به ، وقيل : أراد أنهم يموتون بغتة فيقعون في العذاب ، والأول أولى ، لأن الذي يأتيهم بغتة هو العذاب في الدنيا بالقتل والأسر ، والخوف والقهر ، والجدب لا عذاب الآخرة ولا الموت لأنه لم يسند الإتيان إليه .