{ ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا ( 22 ) }
{ ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } نهى عما كانت عليه الجاهلية من نكاح النساء آبائهم إذا ماتوا ، وهو شروع في بيان من يحرم نكاحه من النساء ومن لا يحرم ، وإنما خص هذا النكاح بالنهي ولم ينتظم في سلك نكاح المحرمات الآتية مبالغة في الزجر عنه حيث كانوا مصرين على تعاطيه .
ومن المعلوم أن المحرمات بالمصاهرة أربع : زوجة الأب وزوجة الابن وأم الزوجة وبنت الزوجة ، وكلها يحصل فيه التحريم بمجرد العقد وإن لم يحصل دخول إلا الربيبة فلا تحريم إلا بشرط الدخول بأمها وهذا يستفاد من الآيات فإنها لم تقيد بالدخول إلا في الربيبة على ما سيأتي والمراد آباؤكم من نسب أو رضاع .
{ إلا ما قد سلف } استثناء منقطع لأن الماضي لا يستثنى من المستقبل أي لكن ما قد سلف وقيل المعنى ولا ما سلف ، وقيل هو استثناء متصل من قوله ما نكح آباؤكم يفيد المبالغة في التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال ، يعني إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوا فلا يحل لكم غيره . وقيل معناه إلا ما سلف من الأب في الجاهلية من الزنا بامرأة فإنه يجوز للإبن تزوجها قال ابن زيد والأول أولى .
ثم بين سبحانه وجه النهي عنه وقال { إنه كان فاحشة ومقتا } هذه الجملة تدل على أنه من أشد المحرمات وأقبحها ، وقد كانت الجاهلية تسميه بنكاح المقت ، قال ثعلب سألت ابن الأعرابي عن نكاح المقت فقال : هو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها ويقال لهذا الضيزن ، وأصل المقت البغض من مقته يمقته مقتا فهو ممقوت ومقيت ، والعرب تسمي ولد الرجل من امرأة أبيه مقيتا ، وكان منهم الأشعث بن قيس وأبو معيط بن أبي عمرو ابن أمية{[437]} .
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه والبيقهي في سننه عن البراء قال : لقيت خالي ومعه الراية قلت أين تريد قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله .
{ وساء سبيلا } أي ساء سبيل ذلك النكاح لأنه يؤدي إلى مقت الله ، وقيل التقدير ساء سبيله وقيل مقولا في حقه ساء سبيلا فإن ألسنة الأمم كافة لم تنزل ناطقة بذلك في الأمصار والأعصار ، وقيل مراتب القبح ثلاث : وقد وصف الله هذا النكاح بكل ذلك ، فقوله { فاحشة } مرتبة قبحه العقلي ، وقوله { مقتا } مرتبة قبحه الشرعي ، وقوله { ساء سبيلا } مرتبة قبحه العادي ، وما اجتمعت فيه هذه المراتب فقد بلغ أقصى مراتب القبح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.